إنّ مسألة التجسّس ذکرت فی الروایات الإسلامیة من موقع الذم والتقبیح بحیث أنّ القاریء لهذه الروایات یستنتج أهمیة وشناعة هذا العمل والسلوک الأخلاقی الذمیم، ومن ذلک:
1 ـ ما ورد عن رسول الله أنّه قال: «إِیّاکُم وَالظَّنَّ فَإنَّ الظَّنَّ أَکذَبُ الحَدِیثِ وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا»(1).
2 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن النبی الأکرم أیضاً قوله: «لا تَحـاسَدُوا وَلا تَبـاغَضُوا وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَنـا جَشُوا وَکُونُوا عِبـادَ اللهِ إِخواناً»(2).
ویتّضح من هذا الحدیث جیداً أنّ حال التجسّس کحال الحسد والحقد والکراهیة فإنّه یتسبب فی تباعد الناس وتمزّق أوصال المجتمع الإسلامی والتدهور والإرتباک فی العلاقات الاجتماعیة بین الناس.
وقد أورد الکلینی فی کتابه الکافی حدیثاً عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «یـا مَعْشَرَ مَنْ أَسلَمَ بِلِسـانِهِ وَلَم یُسلِمْ بِقَلبِهِ لا تَتَبِّعُوا عَثَراتِ المُسلِمِینَ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَراتِ المُسلِمِینَ تَتَبَّعُ اللهُ عَثرَتَهُ وَمَن تَتَبَّعُ اللهُ عَثرَتَهُ یَفْضَحْهُ»(3).
3 ـ وفی حدیث عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «تَتَبَّعُ العَیُوبِ مِنْ أَقبَحِ العُیُوبِ وَشَرِّ السَّیِّئاتِ»(4).
4 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) أنّه قال: «مَنْ بَحَثَ عَنْ أَسرارِ غَیرِهِ أَظهَرَ اللهُ أَسرارَهُ»(5).
5 ـ وجاء فی حدیث آخر عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أیضاً قوله: «مَن تَتَبَّعَ خَفِیَّاتِ العُیُوبِ حَرَّمَهُ اللهُ مَوَدّاتِ القُلُوبِ»(6).
6 ـ وورد فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال لأحد أصحابه: «لا تُفَتَّشِ النّاسَ عَنْ أَدیـانِهِم فَتَبقى بِلا صَدِیق»(7).
وهذا یدلّ على أنّ أغلب الناس لهم عیوب ونقائص فی دائرة العقیدة أو العمل، فعندما تبقى مستورة وخفیّة، فإنّ ذلک من شأنه أن یوطّد العلاقات بین الأفراد ویتعامل الأفراد فیما بینهم من موقع المحبّة والود ویلتزمون بأصالة الصحّة والعدالة فی الطرف الآخر، ولکن فی غیر هذه الصورة فانّ الإنسان یبقى بلا صدیق.