التّفسیر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأمثل 14
لحظة الموت المؤلمةسورة القیامة / الآیة 26 ـ 30

إتماماً للأبحاث المرتبطة بالعالم الآخر ومصیر المؤمنین والکفّار یأتی الحدیث فی هذه الآیات عن لحظة الموت المؤلمة والتی تعتبر باباً إلى العالم الآخر فیقول تعالى: (کلاّ إذا بلغت التراقی)(1) أی کلاّ إنّه لا یؤمن حتى تصل روحه التراقی.

هو ذلک الیوم الذی تنفتح فیه عینهُ البرزخیة، وتزال عنها الحجب، ویرى فیها علامات العذاب والجزاء، ویوقف على أعماله، ففی تلک اللحظة یقرّ بالإیمان ولکن إیمانه لا ینفعهُ ولا یفید حاله أبداً.

«تراقی»: جمع «ترقوة»، وهی العظام المکتنفة للنحر عن یمین وشمال، وبلوغ الروح إلى التراقی کنایة عن اللحظات الأخیرة من عمر الإنسان، وذلک عندما تخرج الروح من البدن، تتوقف الأعضاء البعیدة عن القلب (کالیدین والرجلین) قبل غیرها، کأن الروح تطوی نفسها فی البدن تدریجیاً حتى تصل إلى الحلقوم.

وفی هذه الفترة یسعى أهله وأصدقائه مستعجلین قلقین لانقاذه، یقول تعالى: (وقیل من راق) أی هل هناک من منقذ یأتی لإنقاذ هذا المریض؟

ویقولون هذا الحدیث عن وجه العجز والیأس، والحال أنّهم یعلمون أنَّه قد فات الآوان ولا ینفع معه طبیب.

«راق»: من مادة (رقی) على وزن (نهی) و(رقیه) على وزن (خفیه) وهو الصعود، ولفظة (رقیه) تطلق على الأوراد والأدعیة التی تبعث على نجاة المریض، وقیل للطبیب الذی ینجی المریض ویخلصه مما هو فیه «راقی»، فیکون مفهوم الآیة: ینادی أهل المریض، وأحیاناً المریض نفسه من شدّة الضجر: ألا هل من داع یدعو بدعاء لینجی هذا المریض؟

وقال البعض: إنّ المعنى قول الملائکة بعضها لبعض: من یرقی بروحه من الملائکة، أملائکة الرحمة، أم ملائکة العذاب؟

وأضاف البعض إنّ ملائکة الله تکره قبض روح غیر المؤمن، ولذا یقول ملک الموت: من یرقی بروحه، والمعنى الأوّل أوجه وأنسب.

وفی الآیة التالیة إشارة إلى الیأس الکامل للمحتضر فیقول تعالى: (وظن أنّه الفراق)أی فی هذه الحالة یصاب بالیأس من الحیاة والیقین بالفراق، ثمّ:(والتفت الساق بالساق)وهذا الإِلتفاف إمّا لشدّة الأذى لخروج الروح، أو لتوقف عمل الیدین والرجلین وتعطیل الروح منها.

وذکرت تفاسیر اُخرى لهذه الآیة، منها ما نقرأ فی حدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام) قال: (التفت الدنیا بالآخرة)(2) ومثله عن علی بن إبراهیم(3).

ونقل عن ابن عباس کذلک من المراد من الآیة: التفاف أمر الآخرة بأمر الدنیا.

وقال البعض: هو التفاف شدائد الموت بشدائد القیامة.

والظاهر رجوع جمیع هذه المعانی إلى ما أوردناه فی قول الباقر(علیه السلام)، واتخذ هذا التفسیر لکون أحد معانی «الساق» فی لغة العرب هو الحادثة الشدیدة والمصیبة والبلاء العظیم.

وقال آخرون هو التفاف الساق فی الکفن. ویمکن جمع هذه التفاسیر فی معنى الآیة إذ لا منافاة بینها.

ثمّ یقول تعالى فی آخر آیة من آیات البحث: (إلى ربّک یومئذ المساق). أجل إلى الله تعالى المرجع حیث یحضر الخلائق عند محکمة العدل الإلهیّة، وهکذا ینتهی المطاف إلیه، وهذه الآیة أیضاً تأکید على مسألة المعاد والبعث الشامل للعباد، ویمکن أن تکون إشارة إلى الحرکة التکاملیة للخلائق وهی متجهة نحو الذات المقدّسة واللامتناهیة.


1. «إذا» أداة شرطیة وجزاؤه محذوف، والتقدیر (إذا بلغت التراقی انکشف لهُ حقیقة الأمر، ووجد ما عمله)، والفاعل فی (بلغت) هو (النفس) وهو محذوف ویعرف بقرینة الکلام.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 465.
3. المصدر السابق.
لحظة الموت المؤلمةسورة القیامة / الآیة 26 ـ 30
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma