2ـ سِرُّ التأکید على المعاد

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأمثل 15
سورة النّبأ / الآیة 6 ـ 16 1ـ «الولایة» و«النبأ العظیم»

قلنا، إنّ من کبریات المسائل المهمّة التی یتمّ التأکید علیها فی السور المکیّة للجزء الأخیر من القرآن هی مسألة «المعاد» مع تصویر حیاة الإنسان فی عالم البرزخ لما لهذه المسألة من أهمّیة وتأثیر على الإنسان فی حیاته الدنیا، فمجرّد أن یحسب ویفکر الإنسان بأنّ ثمّة عالم ینتظره وفیه محاسبة دقیقة وبعدها إمّا ثواب أو عقاب، فمجرّد هذا الإِحساس کفیل لأن یدفع الإِنسان بالتفکیر فی مستقبله الأبدی، وأنْ یعمل على ضوء تحسبه.

فهناک محکمة.. لا تخفى علیها خافیة، لا ظلم فیها ولا جور، لا تخطیء  ولا تشتبه، ولا رشوة فیها ولا توصیة، وفوق هذا وذاک فلا مجال للمتهم فیها لأنْ یکذب أو ینکر... إذن فلا سبیل للنجاة من عقاب الآخرة إلاّ بترک الذنوب والعمل وفق مقتضیات الشرع فی هذه الحیاة الفانیة.

إنّ الإیمان بوجود محکمة العدل الإلهی تدفع الإنسان لأن یتحرک ضمیره، وتتیقظ نفسه من غفلتها الماکرة، وتحیى روحیة التقوى فیه ویتحسس عظم المسؤولیة الملقاة على عاتقه، فیبدأ بتشخیص وظائفه وتکالیفه الشرعیة للقیام بها على أحسن وجه.

وأساساً فإنّ شیوع الفساد فی أی محیط یرجع إلى أمرین: ضعف التوجیه والمراقبة، وفقدان القوة القضائیة الرادعة، فإذا خضعت أعمال الناس إلى توجیه مبرمج یقظ، بالإضافة إلى توفر القوانین القضائیة الصارمة لکل من یشذ عن جادة القانون، فإنّ الفساد والإعتداء والطغیان والحال هذه یکاد ینعدم فی ذلک المحیط.

إنّ الحیاة الدنیویة التی یتمتع فیها الانسان ببرنامج موجّه إلى طریق الحق، وقوة قضائیة ساعیة لرضوانه جلّ شأنه، وعاملة على خدمة البشریة، تمنع الإِنسان القدرة لأنْ یدرک بوضوح مصادیق الهدایة الإلهیّة، ویعیش اللذة فی حیاته الروحیة.

فالإیمان بوجود مَنْ: (لا یعزب عنه مثقال ذرة)(1)، والإیمان بحتمیة «المعاد» الذی تصدقه الآیة: (فمن یعمل مثقال ذرة خیراً یره * ومن یعمل مثقال ذرة شراً یره)(2)، فهکذا الإیمان کفیل بأن یخلق فی الإنسان حالة التقوى التی هی بمثابة مرکز للإشعاع الرّبانی على جمیع أبعاد حیاته.


1. سبأ، 3.
2. الزلزلة، 7 و8.
سورة النّبأ / الآیة 6 ـ 16 1ـ «الولایة» و«النبأ العظیم»
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma