قلنا إنّ «الکوثر» له معنى واسع یشمل کل خیر وهبه اللّه لنبیّه(صلى الله علیه وآله)، ومصادیقه کثیرة، لکن کثیراً من علماء الشیعة ذهبوا إلى أنّ «فاطمة الزهراء(علیها السلام)» من أوضح مصادیق الکوثر، لأنّ روایة سبب النزول تقول: إنّ المشرکین وصموا النّبی بالأبتر، أی بالشخص المعدوم العقب، وجاءت الآیة لتقول: (إنّا أعطیناک الکوثر).
ومن هنا نستنتج أن الخیر الکثیر أو الکوثر هو فاطمة الزهراء(علیها السلام)، لأن نسل الرسول(صلى الله علیه وآله) انتشر فی العالم بواسطة هذه البنت الکریمة... وذریة الرسول من فاطمة لم یکونوا امتداداً جسمیاً للرسول(صلى الله علیه وآله) فحسب، بل کانوا امتداداً رسالیاً صانوا الإسلام وضحوا من أجل المحافظة علیه وکان منهم أئمّة الدین الإثنی عشر، أو الخلفاء الإثنی عشر بعد النّبی کما أخبر عنهم رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) فی الأحادیث المتواترة بین السنّة والشیعة، وکان منهم أیضاً الآلاف المؤلفة من کبار العلماء والفقهاء والمحدثین والمفسّرین وقادة الاُمّة.
والفخر الرازی فی استعراضه لتفاسیر معنى الکوثر یقول: القول الثّالث «الکوثر» أولاده، قالوا لأنّ هذه السّورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه(علیه السلام) بعدم الأولاد فالمعنى أنّه یعطیه نسلاً یبقون على مرّ الزمان، فانظر کم قتل من أهل البیت ثمّ العالم ممتلیء منهم ولم یبق من بنی اُمیة فی الدنیا أحد یعبأ به، ثمّ أنظر کم کان فیهم من الأکابر من العلماء کالباقر والصادق والکاظم والرض(علیهم السلام) والنفس الزکیة وأمثالهم(1) (2).