التوسل على ضوء الآیات القرآنیّة والدلیل العقلی

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الشیعة شبهات و ردود
التوسل فی الآیات الکریمةخلاصة البحث

إنّ التوسل بأولیاء الله لأجل حل المشاکل المادیة والمعنویة من أهم المباحث وأکثرها نقاشاً بین الوهابیین وسائر المسلمین فی العالم.

یصرح الوهابیون بأنّ التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة لا إشکال فیه، ولکن لا یجوز التوسل بأولیاء الله، ویعتبرونه نوعاً من الشرک، فی الوقت الذی یرى سائر مسلمی العالم جواز التوسل بأولیاء الله، بناء على ما سنذکره من توضیح لمعناه.

تصور الوهابیون أنّ بعض الآیات القرآنیّة تمنع من التوسل، وتعتبره شرکاً، ومن جملتها هذه الآیة حیث قوله سبحانه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِیُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(1)التی تحکی لسان حال مشرکی الجاهلیة حول ما یعبدون، مثل الملائکة وغیرها، والقرآن یعتبر هذا الکلام شرکاً، وفی آیة أخرى یقول عزّ وجلّ: (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)(2).

ویقول سبحانه فی آیة أخرى: (وَالَّذِینَ یَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ یَسْتَجِیبُونَ لَهُم بِشَیْء)(3).

توهم الوهابیون وتصوروا أنّ هذه الآیات تنفی التوسل بأولیاء الله، وإضافة إلى هذا لدیهم بحث آخر، وهو أنه على فرض أنّ التوسل بالرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) حال حیاته جائز; وفقاً لبعض الروایات، لکن لا دلیل لدینا على جوازه بعد مماته. هذا خلاصة ما یدّعونه.

ولکن للأسف وبسبب هذا الکلام الفاقد للدلیل، قام الوهابیون باتهام الکثیر من المسلمین بالشرک والکفر، وأباحوا دماءهم وأموالهم، فبهذه الذریعة قاموا بسفک دماء کثیرة ونهبوا الکثیر من الأموال.

والآن وبعد أن عرفنا اعتقادهم بشکل جید نعود إلى أصل البحث، ونعالج موضوع التوسل من جذوره.

فی البدایة نستعرض مفهوم «التوسل» فی اللغة والآیات القرآنیّة والروایات.

التوسل لغة: «التوسل» فی اللغة هو بمعنى اختیار الوسیلة، والوسیلة: تعنی ما یتقرب به إلى الغیر.

یقول ابن منظور فی کتابه المعروف «لسان العرب»: «وَسَلَ فلانٌ إلى الله وسیلةً إذا عَمِل عملاً تقرّب به إلیه ... والوسیلة، ما یتقرّب به إلى الغیر»(4).

وجاء فی «مصباح اللغة» أیضاً: «الوسیلة: ما یتقرب به إلى الشیء والجمع الوسائل».

ونقرأ فی «مقاییس اللغة»: «الوسیلة: الرغبة والطلب».

وعلى هذا فالوسیلة هی بمعنى التقرب وما یتقرب به إلى الغیر أیضاً، فالوسیلة لها مفهوم واسع جدّاً.

وأمّا بالنسبة للقرآن فقد استعمل مصطلح الوسیلة فی آیتین:

الأولى: فی قوله تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَیهِ الْوَسِیلَةَ وَجَاهِدُواْ فِی سَبِیلِهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ)(5)، فهذه الآیة تخاطب جمیع المؤمنین، وفیها ثلاثة أوامر:

الأوّل: الأمر بالتقوى.

الثانی: الأمر باختیار الوسیلة، التی تقربنا إلى الله سبحانه.

الثالث: الأمر بالجهاد فی سبیل الله.

ونتیجة اجتماع هذه الصفات الثلاثة (التقوى، التوسل، الجهاد) یتحقق ما ذکر فی ذیل الآیة: (لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ).

الثانیة: فی الآیة السابعة والخمسین من سورة الإسراء، ولفهم هذه الآیة نستعرض الآیة التی سبقتها وهی: (قُلِ ادْعُواْ الَّذِینَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ یَمْلِکُونَ کَشْفَ الضُّرِّ عَنکُمْ وَلاَ تَحْوِیلاً)(6) وبالالتفات إلى جملة (قُلِ ادْعُواْ الَّذِینَ) یتضح أنّ المقصود فی الآیة لیست هی الأصنام وغیرها ـ لأنّ (الذین) هم أصحاب العقول ـ بل إنّ المقصود بها هم الملائکة التی کانت تُعبد من دون الله، أو النبی عیسى(علیه السلام) الذی کان یُعبد من قبل بعض المجموعات من دون الله، فالآیة تصرّح بأنّ ما تدعون من الملائکة أو المسیح لا یستطیعون دفعون الضرّ عنکم ولا یحلّون مشاکلکم.

والآیة التی تلیها وهی المقصودة بالبحث قوله تعالى: (أُولَئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ یَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ أیُّهُم أقْرَبُ وَیَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَیَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّکَ کَانَ مَحْذُورًا)(7)، الاشتباه الکبیر الذی وقع فیه الوهابیون هو تصورهم أنّ مفهوم التوسل بأولیاء الله هو أنهم یکشفون الضر ویحلّون المشاکل،وتصوروا أنّ قضاءهم للحاجات ودفعهم للکربات یتحقق منهم على نحو الاستقلال، مع أنّ ما نقصده من التوسل لیس هذا معناه. 


1. سورة الزمر، الآیة 3. 
2. سورة الجن، الآیة 18 .
3. سورة الرعد، الآیة 14 .
4. لسان العرب، ج 11، ص 724 .
5. سورة المائدة، الآیة 35 .
6. سورة الإسراء، الآیة 56 .
7. سورة الإسراء، الآیة 57 .
التوسل فی الآیات الکریمةخلاصة البحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma