إنتخاب الخلیفة مرحلة نهائیة للرسالة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
آیـات الولایـة فی القرآن
الطریق الأوّل : تفسیر الآیة بغض النظر عن الشواهد الأخرىأبعاد البحث

 إنّ القرآن الکریم یخاطب النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی آیاته الشریفة بعناوین مختلفة منها:

 (یَا أَیُّهَا الْمُزَّمِّلُ)(1).

 (یَا أَیُّهَا الْمُدَّثِّرُ)(2).

 (یَا أَیُّهَا النَّبِىُّ)(3).

 (یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ)(4).

 فالخطاب الأول والثانی یشیران إلى حالة خاصة من حالات الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)الظاهریة، ولکن الخطاب الثالث والرابع یشیران إلى الشأن المعنوی والمقام الإلهی لرسول الله(صلى الله علیه وآله) حیث ورد هذا النحو من الخطاب: (یَا أَیُّهَا النَّبِىُّ) مرات عدیدة فی القرآن الکریم.

 ولکن خطاب: (یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ) لم یرد فی القرآن سوى فی آیتین أحدهما الآیة محل البحث، والاُخرى الآیة 41 من سورة المائدة والتی تنسجم فی مضمونها مع هذه الآیة الشریفة وهذا یدلّ على أهمّیة الموضوع الذی یتضمنه هذا الخطاب الإلهی للرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) حیث یقول بعده:

 (بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ...) وهذه المهمّة التی اُمر النّبی بإبلاغها لم تکن سوى تعیین الخلیفة من بعده.

 (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ...) إنّ هذه المهمّة إلى درجة من الأهمّیة بحیث إنّه لو لم یؤدّها للناس فکأنّه لم یؤدّ الرسالة الإلهیة بشکل عام حیث تبقى أتعاب ثلاثة وعشرین سنة من تبلیغ الرسالة ناقصة.

 ومن الواضح أنّ النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان یبلّغ جمیع ما نزل علیه من الوحی للناس ویبیّن تعالیم الشریعة المقدسة ولکن هذا التعبیر الذی یُفهم من سیاق الآیة یوحی للمسلمین بأهمیة الموضوع الذی تضمنته الآیة الشریفة.

 (وَاللهُ یَعْصِمُکَ مِنْ النَّاسِ...) فبما أنّ هذه المهمّة حساسة جدّاً وفی غایة الأهمّیة فمن الطبیعی أن تحوطها الأخطار ومن المتوقع أن تکون هناک ردود فعل شدیدة من قبل المنافقین ومن فی قلوبهم مرض سواءً کان بصورة علنیة أم بصورة سرّیة،ولذلک فانّ الله سبحانه وتعالى قد وعد نبیّه الکریم(صلى الله علیه وآله) بأن یحفظه من هذه الأخطار المحتملة.

 (إِنَّ اللهَ لاَ یَهْدِى الْقَوْمَ الْکَافِرِینَ) فعلى الرغم من أنّ الله تعالى یمنّ على جمیع الناس بالهدایة إلى الحق إلاّ أنّ الأشخاص الذین یصرّون العناد والإصرار على عقائدهم الزائفة وأفکارهم الباطلة لا یستحقون الهدایة وسوف لا ینالون نعمة الهدایة من الله تعالى.

 ومع قلیل من التدبر فی مضمون وأجواء الآیة محل البحث تتجلى هذه الحقیقة المهمة، وهی أنّ الآیة الشریفة تتحرک نحو الإخبار عن موضوع مهم جدّاً، لأنّها تتضمّن فی سیاقها تأکیدات کثیرة لم یسبق لها مثیل:

 1 ـ تبدأ الآیة الشریفة بخطاب (یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ) وکما تقدم أنّ هذا الخطاب یدل على الأهمّیة الفائقة لمضمون هذا النص الشریف بحیث استلزم أن یقع الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)مورداً للخطاب الإلهی مباشرة.

 2 ـ کلمة «بَلّغْ» إشارة اُخرى إلى خصوصیة المضمون الذی تحمله الآیة الشریفة لأنه :

 أوّلاً : أنّ هذه الکلمة لم ترد فی القرآن الکریم سوى فی هذه الآیة الشریفة.

 ثانیاً : کما یقول الراغب فی کتابه «مفردات القرآن» إنّ هذه الکلمة فی الواقع فیها تأکید أشدّ من کلمة «أَبْلِغْ» لأنّه بالرغم من أنّ هذه الکلمة أیضاً لم ترد إلاّ مرّة واحدة فی القرآن الکریم(5)، إلاّ أنّ کلمة «بَلّغْ» مضافاً إلى مفهوم التوکید فیها تتضمّن التکرار أیضاً، أی أنّ هذا الموضوع إلى درجة من الأهمّیة بحیث یجب إبلاغه إلى الناس دفعات وبصورة مکررة(6).

 ثالثاً : جملة (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) شاهد ثالث على الخصوصیة المهمّة فی هذه الآیة، فانّ النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یُؤمر فی هذه الآیة بإبلاغ رسالة خاصة تمثّل أساس ومحور الرسالة والنبوّة، لأنّه لو لم یبلّغ النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) هذه الرسالة الخاصة فکأنّما لم یبلّغ الرسالة کلّها.

 رابعاً : ومن العلامات الاُخرى على عظمة وأهمیة مضمون هذه الآیة الکریمة هو ما ورد فیها من ضمانات إلهیة لحفظ الرسول الأکرم من الأخطار المحدقة به.

إنّ مضمون المأموریة التی کلّف بها النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی هذه الآیة الشریفة إلى درجة من الأهمّیة بحیث یخشى على النّبی من الخطر على حیاته من جراء ردود الفعل المختلفة التی ستثیرها هذه المهمّة الرسالیة، ولکن الله تعالى یعِد نبیّه الکریم بحفظه من جمیع الأخطار وردود الفعل المحتملة.

 فما هو الموضوع المهم الذی تضمنته هذه الآیة الشریفة؟

 ما هی المأموریة المهمّة للنّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) التی تستلزم ضمانات إلهیة صریحة بحفظ النّبی من الخطر؟

 ما هو المطلب المهم الذی یجب أن یبلّغه النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) للناس بحیث یساوی جمیع الرسالة الإلهیة؟

 ماذا أراد الله سبحانه وتعالى من النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بحیث هدده من جهة ووعده بحفظ حیاته من جهة اُخرى؟

 والخلاصة ما هو موضوع هذه الآیة الشریفة الذی ورد بکل هذه التأکیدات الشدیدة ؟

 ومن أجل استجلاء الجواب الصحیح على هذه الأسئلة هناک طریقان:

 الأوّل : هو التفکر والتأمل والتدبر فی مضمون الآیة نفسها بقطع النظر عن ما ورد من طرق الفریقین من السنة والشیعة من الروایات الشریفة فی تفسیر هذه الآیة ومع قطع النظر عن کلمات المفسّرین والمؤرّخین.

 والآخر : هو أن نقوم بتفسیر هذه الآیة الشریفة مع ما ورد حولها من روایات وأحادیث فی شأن نزولها.


1 . سورة المزمل : الآیة 1.
2 . سورة المدثر : الآیة 1.
3 . کرر هذا الخطاب ی أکثر من 10 آیات قرآنیة.
4 . ورد هذا الخطاب مرتین فی القرآن الکریم.
5 . سورة التوبة : الآیة 6.
6 . وهکذا عمل النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، حیث ذکر موضوع خلافة علی(علیه السلام) على الناس مراراً من الأیّام الاولى لظهور الإسلام وحتى وفاته.

 

الطریق الأوّل : تفسیر الآیة بغض النظر عن الشواهد الأخرىأبعاد البحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma