تفسیر الآیة 3 من سورة التوبة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
آیـات الولایـة فی القرآن
الإختلاف فی الجزئیاتهل أنّ مقام المؤذّن یعدّ فضیلة ؟

 أما تفسیر «آیة الأذان» فی سورة التوبة والتی تعد هی الاُخرى من آیات فضائل الإمام علی (علیه السلام) ولها ارتباط وثیق بآیة «المؤذّن» السابقة، نرى من اللازم بعض التوضیح حول الآیات الاُولى من سورة التوبة :

 عندما فتحت مکّة فی السنة الثامنة للهجرة وتمّ القضاء على الشرک وعبادة الأوثان وإزالة الأصنام من أرض الوحی ودخل العرب فی الإسلام ورأى مشرکو مکّة تعامل النبی (صلى الله علیه وآله)معهم من موقع المحبّة والعفو والصفح، أدّى ذلک إلى دخول الناس فی الإسلام زرافات ووحدانا، وانتهت هذه السنة بجمیع ما وقع بها من حوادث کبیرة، وأراد رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی السنة التاسعة للهجرة أن یحجّ حجّة الوداع ولکنه بسبب وجود بعض الاُمور لم یرَ من المناسب أن یحجّ فی تلک السنة وذلک :

 الف : إنّ بعض المشرکین وعبدة الأوثان کانوا یأتون من البادیة لزیارة بیت الله الحرام، وعلى الرغم من أن الکعبة قد تمّ تطهیرها من الأصنام والأوثان إلاّ أنّ هؤلاء الوثنیین کانوا یأتون إلى البیت الحرام ویطوفون حوله وینشدون بعض الأشعار والشعارات الجاهلیة حین الطواف تخلیداً لذکر الأصنام.

 ب : ما زال بعض الناس یطوفون بالبیت عراة کما کانوا فی السابق لأنهم کانوا یعتقدون أن لباس الطائف الذی یطوف فیه حول البیت یجب علیه أن یتصدّق به إلى الفقیر، ولهذا فلو أن الشخص خلع لباسه وطاف عریاناً ثمّ بعد أن ینتهی من الطواف یرتدی لباسه فلا یجب علیه التصدّق به على الفقیر، ولذلک فمن لم یکن راغباً فی التصدق بلباسه یقوم بخلع لباسه والطواف عاریاً، وأحیاناً یکون الطائف بالبیت امرأة، فنتصور کیف یکون حال الطواف مع وجود امرأة عریانة بین الطائفین وکیف تتبدل الأجواء المعنویة والروحیة فی ذلک المکان المقدّس إلى أجواء شهوانیة وحیوانیة ؟

 فنظراً إلى هذه الاُمور انصرف رسول الله (صلى الله علیه وآله) عن أداء الحجّ فی السنة التاسعة حتّى نزلت الآیات الاُولى من سورة التوبة وأمر النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) أن یعلن فی مراسم الحجّ فی السنة العاشرة للهجرة لجمیع المشرکین أربعة اُمور :

 1 ـ «لا یَحِجَّنَّ الْبَیْتَ مُشْرِکٌ» فبعد السنة العاشرة للهجرة لا یحقُّ لأی مشرک أن یحجّ البیت ولا یحقُّ له دخول المسجد الحرام، هذا البیت الذی بناه بطل التوحید ومحطم الأصنام فلا یکون مکاناً للأصنام بعد الآن، ولا ینبغی للمشرکین والوثنیین أن یطوفوا حول بیت الله إلاّ أن یترکوا عقائدهم الخرافیة جانباً.

 2 ـ «وَلا یَطُوفَنَّ بِالْبَیْتِ عُرْیانٌ» فبعد الآن لا یحقُّ لأی شخص أن یطوف بالکعبة عریاناً ویلوّث تلک الأجواء المعنویة والروحیة بهذا العمل الشنیع.

 3 ـ «وَلا یَدْخُلَ الْبَیْتَ اِلاّ مُؤمِنٌ» ففی السابق کان الدخول إلى داخل الکعبة مباحاً للجمیع (خلافاً لهذا الزمان حیث لا ینال هذه السعادة إلاّ بعض الأشخاص القلیلین) فکان المسلمون والمشرکون یدخلون داخل الکعبة باستمرار وبدون أی مانع ولکن بعد إبلاغ هذا النداء لا یحقُّ لمشرک أن یدخل الکعبة.

 4 ـ «وَمَنْ کانَتْ لَهُ مُدَّةٌ فَهُوَ إلى مُدَّتِهِ وَمَنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ مُدَّةٌ فَمُدَّتُهُ اَرْبَعَةُ اَشْهُر» فالمشرکون الذین کان لدیهم عهد ومیثاق مع رسول الله على ترک الحرب والقتال ولم یذکروا مدّة محدودة لعهدهم هذا، فلهم فرصة أربعة أشهر لینضموا إلى الإسلام، وبعد انتهاء هذه المدّة لا یبقى عهد ومیثاق بینهم وبین النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، وأما من کان له عهد مع رسول الله (صلى الله علیه وآله)لمدّة معیّنة ولم تنتهِ هذه المدّة ولم یرتکب ما یخالف العهد ولم یتحرّک على مستوى معونة أعداء الإسلام فإن عهده محترم إلى نهایة المدّة(1).

 وهکذا وجد النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) نفسه مأموراً بإبلاغ هذه التعلیمات والأوامر الإلهیة فی أیّام الحجّ من السنة العاشرة للهجرة وإخبار المشرکین بها، فاختار النبی لهذه المهمة أبابکر لیقرأ الآیات الاُولى من سورة التوبة على المشرکین فی أیّام الحجّ، وتوجه أبوبکر نحو مکّة لأداء هذه المهمة ولکن لم یمض سوى القلیل حتّى هبط جبرئیل الأمین على رسول الله (صلى الله علیه وآله)وقال له :

 «إنه لن یؤدیها عنک إلاّ أنت أو رجل منک» فدعى النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) الإمام علی (علیه السلام)وقال له : «إلحقه فردّ علیَّ أبابکر وبلّغها أنت» ففعل ذلک الإمام علی (علیه السلام) وأخذها من أبی بکر وأبلغها عامة المشرکین فی أیّام الحجّ(2).

 ویقول الطبرسی فی هذا المجال :

 اجمع المفسّرون ونقلة الأخبار انّه لمّا نزلت براءة رفعها رسول الله (صلى الله علیه وآله) إلى أبی بکر، ثمّ أخذها منه ودفعها إلى علیّ بن أبی طالب(3).

 وقد أوضحنا بالتفصیل ما ذکره «صاحب مجمع البیان» والمقدار المشترک بین جمیع الروایات هو ما ذکرنا وقد أورد صاحب کتاب «احقاق الحقّ» هذا المعنى من أربعین کتاب من کتب أهل السنّة.(4)


1 . التفسیر الامثل : ذیل الآیة مورد البحث.
2 . التفسیر الامثل : ذیل الآیة مورد البحث.
3 . مجمع البیان : ج 3، ص 3.
4 . احقاق الحقّ : ج 3، ص 427 فصاعداً.

 

الإختلاف فی الجزئیاتهل أنّ مقام المؤذّن یعدّ فضیلة ؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma