إنّ سورة الواقعة کسائر سور القرآن الکریم تتضمن مفاهیم عمیقة ومواضیع مثیرة للغایة، والأصل والمحور فی مواضیع آیات هذه السورة المبارکة هو الحدیث عن المعاد والحیاة الاُخرویة، فالآیات الاُولى من هذه السورة تستعرض علائم وآثار یوم القیامة حیث یبدأ هذا الیوم بانقلاب کبیر فی عالم الوجود کما هو الحال فی الإنقلاب والإنفجار الذی حدث فی بدایة ظهور الأرض والمجرّات والسماوات، وعلیه فإنّ الدنیا بدأت بإنفجار مهیب وستنتهی أیضاً کذلک، فعندما تقوم القیامة تهتزّ الأرض بشدّة وتتحطم الجبال العظیمة
وتتلاشى فی الفضاء نتیجة اصطدامها فیما بینها فی الفضاء بحیث تتحول إلى غبار منثور، وبعد ذلک یقوم الله تعالى بخلق عالم الآخرة على خرائب وأطلال عالم الدنیا ویخلق أرضاً وسماءاً جدیدة، وفی ذلک الیوم تدبُّ الحیاة فی الأموات ویبعثون من قبورهم مرّة ثانیة ویکونون على ثلاث طوائف :
1 ـ «أصحاب المیمنة» وهم السعداء والمفلحون فی ذلک الیوم.
2 ـ «أصحاب المشئمة»(1) وهم الأشخاص الذین یواجهون الشقاء والمصیر السییء وتقدّم إلیهم صحیفة أعمالهم بیدهم الشمال.
3 ـ (السّابِقُونَ السّابِقُونَ) وهذه الطائفة من الناس هم أسعد حظاً من الطائفة الاُولى وهم الذین ینالون وسام مقام القرب من الله تعالى بحیث لا یدانیهم فی هذا المقام والمنزلة أحد من المؤمنین.
وبهذا التقسیم القرآنی لطوائف الناس فی ذلک الیوم تشرع الآیات الکریمة باستعراض أنواع المثوبات والعقوبات المقرّرة لأفراد هذه الطوائف الثلاث، المثوبات التی تثیر الوجد والفرح فی قلوب المؤمنین، والعقوبات الرهیبة التی تثیر الفزع والخوف لدى کلّ إنسان.
وتتحدّث الآیات 11 إلى 26 عن المثوبات المقرّرة للسابقین والمقرّبین، وهی المثوبات غیر القابلة للتصور أحیاناً، وتتحدّث الآیات 27 إلى 40 عن مثوبات أصحاب الیمین، ومن الآیة 41 فما بعد یتحدّث القرآن الکریم عن عقوبات أصحاب الشمال بصورة مفصلة.