عاقبة المثقلین!

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الخطبة 22تخففوا تلحقوا !

إنَّ أهم عامل یقف وراء خسران طائفة من الناس والذی تضمنته کلمات الإمام(علیه السلام) فی خطبته إنَّما یکمن فی إثقال کاهلها بالتکالب على متاع الدنیا الزائد عن حاجتها فی حیاتها الدنیویة المتواضعة.

ولک أن تفرض أنَّ فرداً ینطلق للسفر لیوم واحد وقد حمل مقداراً من الخبز والماء والفاکهة لما یکفیه لذلک الیوم، بینما حمل الآخر عدة حقائب وقد ملأها بمختلف الأطعمة والأشربة والفاکهة وانطلق إلى سفره. فمن البداهة أن ینطلق الأول بکل هدوء وخفة وخطى واثقة وحثیثة دون أن یشعر بالکلل والتعب، فی حین سینقطع نفس الثانی ولا یسعه مواصلة السیر والحرکة. وهذا هو المصیر الذی ینتظر أولئک الأفراد الذین جعلوا همهم فی الدنیا ومتاعها الزائل وجعلوا یفکّرون لیل نهار فی کیفیة حفظ هذه الأموال، حتى أنستهم ذکر الله، ولم یکتفوا بذلک ففقدوا حتى السکینة والطمأنینة فی حیاتهم الدنیا.

هذا وقد تطرق بعض شرّاح نهج البلاغة إلى قصة الصحابی الجلیل سلمان الفارسی(رضی الله عنه)کشاهد حی ونموذج لقول الإمام علی(علیه السلام) «تخففوا تلحقوا» وذلک حین نصب والیاً على منطقة المدائن فرکب دابته وانطلق بمفرده إلیها.

فاتصل بالمدائن خبر قدومه، فاستقبله أصناف الناس على طبقاتهم، فلما رأوه قالوا: أیها الشیخ أین خلّفت أمیرنا؟ قال: ومن أمیرکم؟ قالوا: الأمیر سلمان الفارسی صاحب رسول الله(صلى الله علیه وآله).

قال: لا أعرف الأمیر، وأنا سلمان.

فترجلوا له وقادوا الیه المراکب والجنائب. فقال: إنّ حماری هذا خیر لی وأوفق. فلما دخل البلد أرادوا أن ینزلوه دارالامارة قال: ولست بأمیر. فنزل على حانوت فی السوق وقال إدعوا إلیّ صاحب الحانوت فاستأجر منه. وکان معه وطاء یجلس علیه ومطهرة یتطهّر بها للصلاة وعکازة یعتمد علیها فی المشی. فأتفق أنّ سیلا وقع فی البلد فارتفع صیاح النّاس بالویل والعویل یقولون: وا أهلاه وا ولداه و وا مالاه، فقام سلمان ووضع وطائه فی عاتقه وأخذ مطهرته وعکازته بیده وإرتفع على صعید وقال: هکذا ینجو المخفّفون یوم القیامة.(1)

والطریف فی الأمر ما ذکره السید الرضی(رضی الله عنه) من أنّ هذا الکلام لو وزن بعد کلام الله سبحانه وبعد کلام رسول الله(صلى الله علیه وآله)بکل کلام لمال به راجحاً. ولاسیما قوله(علیه السلام): تخففوا تلحقوا.

فما أبعد غورها وأعظمها من حکمة وموعظة رغم قصرها; الأمر الذی دفع بالسید الرضی(رضی الله عنه) إلى الإسهاب فی الخوض فی تفاصیلها فی کتابة «الخصائص».


1. منهاج البراعة 3/ 4 ـ 3.

 

الخطبة 22تخففوا تلحقوا !
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma