فصل فی برکات التعاضد بالقرابة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الخطبة 24الإعتضاد بالعشیرة

إنّ مسألة صلة الرحم وتوطید أواصر المحبّة بالقرابة وإن کانت وظیفة إلهیة ورد التأکید علیها فی الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة، إلاّ أنّ ممّا لاشک فیه أنّ القیام بهذه الوظیفة الدینیة والإنسانیة إنّما ینطوی على برکات جمة تعرض لها الإمام(علیه السلام) أواخر هذه الخطبة والمهم أن یعزز الإنسان هذه الأصرة ولا یمارس کلّ مأمن شأنه الإساءة إلیها أو قطعها. ولابدّ من الإحسان إلى القربى حین شعور الإنسان بوفور النعمة، لتهب للوقوف إلى جانبه إذا ما واجهته بعض المحن والخطوب.وقد دلّ الواقع بما لا یقبل الشک أنّ التفوّق على المشاکل لا یتأتى من خلال الجهود الفردیة، بل یتطلب مؤازرة الآخرین وتکافئ جهودهم، وما أحرى أن تکون الأولویة فی هذه الرابطة للقرابة والعشیرة حیث یعرف کلّ منهما الآخر إلى جانب الإرتباط العاطفی الذی یشدّ کلّ منهما الآخر إلى جانب الإرتباط العاطفی الذی یشدّ کلّ منهما للآخر، غیر أنّ المؤسف له أنّ أغلب الأفراد إنّما یضربون هذه الاُمور عرض الجدار بمجرّد نیلهم بعض الثراء والنعمة فیبتعد عن قرابته ویحرم نفسه من کلّ هذه الطاقات التی یمکنها معالجة مصاعبه ومشاکله، وهذا هو المعنى الذی تناولته أغلب الروایات الواردة بهذا الشأن. فقد جاء فی الحدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «صِلَةُ الرّحِمِ وَحُسْنُ الجِوار، یُعَمّران الدیار وَیَزیدان فِی الأعمار»(1). وقال الإمام الباقر(علیه السلام): «صِلَةُ الأرحامِ وَحُسنُ الجِوارِ، زیادَةً فی الأموالِ»(2). کما ورد عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّه قال: «صِلَةُ الأرحامِ تُزَکّی الأعمال وَتُنْجى الأموال وتَرْفَعُ البَلوى وتُیَسَّرُ الحِسابُ وتُنسى فی الأجل»(3). وبالمقابل فإنّ قطع الرحم ینطوی على آثار خطیرة على حیاة الإنسان فی الدنیا وسوء العذاب فی الآخرة. فقد جاء فی الحدیث أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله)قال: «أخبَرنی جبرئیلُ إنَّ رِیحَ الجنّةِ تُوجَدُ مِن مَسیرةِ ألفِ عام ما یَجِدُها عاقٌّ ولا قاطِعُ رَحِم ولا شَیخُ زان».(4)

ولعل هنالک من یسأل: ما المراد بصلة الرحم؟ المراد هو تعمیق أواصر المحبّة والنجدة فی حل المشاکل وعدم الغفلة وتفقد الأحوال فی کافة الظروف، وقد تحفظ هذه الصلة حتّى بالسلام والإرتباط عن طریق الهاتف. فقد قال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام): «صِلُوا أرحامَکُم ولو بِالتسلیمِ»(5) وسنتکلم فی الأبحاث القادمة عن صلة الرحم ومعطیاتها المادیة والمعنویة بما یتناسب والمواضیع الواردة فی الخطب. هذا وقد قال السید الرضی(ره) فی آخر هذه الخطبة:

«الغفیرة هاهنا الزیادة والکثرة; من قولهم للجمع الکثیر: الجم الغفیر، والجماء الغفیر. ویروى عفوة من أهل أو مال».

والعفوة: الخیار من الشیء. یقال: «أکلت عفوة الطعام» أی خیاره. وما أحسن المعنى الذی أراده(علیه السلام) بقوله: «ومن یقبض یده عن عشیرته...» إلى تمام الکلام; فانّ الممسک خیره عن عشیرته إنّما یمسک نفع ید واحدة، فاذا احتاج إلى نصرتهم، واضطر إلى مرافدتهم، قعدوا عن نصره، وتثاقلوا عن صوته، فمنع ترافد الأیدی الکثیرة، وتناهض الأقدام الجمة.


1. بحار الأنوار 71 / 120.
2. بحار الأنوار 71 / 97.
3. بحار الأنوار 71/211 .
4. معانی الأخبار نقلاً عن بحار الأنوار 71 / 95 ح 26.
5. اصول الکافی نقلاً عن بحار الأنوار 71 / 126.

 

الخطبة 24الإعتضاد بالعشیرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma