أخبار علی(علیه السلام) فی جیشه وهو فی طریقه إلى صفین

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
نزول علیّ بکربلاء تعبئة القوى لمواجهة العدو

ذکر بعض شراح نهج البلاغة فی ذیل هذه الخطبة بعض القضایا التأریخیة التی نشیر إلیها هنا:

1ـ فى قصر کسرى

سار علیه السلام حتى انْتهى إلى المدائن وقصر کسرى وإذ رجل من أصحابه أنشد:

جرت الریاح على محل دیارهم *** فکأنما کانوا على میعاد!

فقال له علیه السلام: ألا قلت:

(کَمْ تَرَکُوا مِنْ جَنّات وَعُیُون* وَزُرُوع وَمَقام کَرِیم * وَنَعْمَة کانُوا فِـیها فاکِهِـینَ * کَذ لِکَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ * فَما بَکَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَالأَرْضُ وَما کانُوا مُنْظَرِینَ)(1)

2ـ فی الأنبار

مرّ (علیه السلام) بالأنبار (أحد المدن الغربیة فی العراق) فتقدم دهاقنتها إلیه فلما استقبلوه، نزلوا عن خیولهم، ثم جاءوا یشتدّون معه، وبین یدیه ومعهم براذِین قد أوقفوها فی طریقه، فقال: ما هذه الدّوابّ التى معکم؟ وما أردتم بهذا الذی صنعتم؟ قالوا: أمّا هذا الذی صنعنا فهو خُلُق مِنّا نعظّم به الأمراء; وأمّا هذه البراذین فهدّیة لک، وقد صنعنا للمسلمین طعاماً، وهیّأناً لدوابّکم عَلفاً کثیراً.

فقال علیه السلام: أمّا هذا الذی زعمتم أنّه فیکم خُلُق تعظّمون به الأمراء فو اللّه ما ینفع ذلک الأمراء; وإنّکم لتشقّون به على أنفسکم وأبدانکم، فلا تعودوا له. وأمّا دوابّکم هذه; فإنْ أحببتم أن آخذَها منکم، وأحسبها لکم من خَراجِکم أخذناها منکم. وأمّا طعامکم الذی صنعتم لنا; فإنا نکرهُ أن نأکلَ من أموالکم إلاّ بثمن.

3ـ قرب الدیر

علیّ علیه السلام فی مسیره إِلى الشام; حتى إذا کُنا بظهر الکوفة من جانب هذا السّواد، عطش الناس احتاجوا إلى الماء، فانطلق بنا علیّ علیه السلام حتى أتى ]بنا[ إلى صخرة ضِرْس فی الأرض; کأنّها رُبْضَةُ عنز; فأمرنا فاقتلعناها، فخرج لنا من تحتها ماء، فشرِب الناس منه، وارتوَوْا. ثم أمرنا فأکفأناها علیه. وسار الناس حتى إذا مضى قلیلاً، قال علیه السلام: أمِنْکم أحدٌ یعلم مکان هذا الماء الذی شربتم منه؟ قالوا: نعم یا أمیرالمؤمنین، قال: فانطِلقوا إلیه، فانطلق مِنّا رجالٌ رکباناً ومشاة، فاقتصصنا الطریق إلیه; حتى انتهینا إلى المکان الذی نرى أنّه فیه، فطلبناه، فلم نقدر على شیء، حتى إذا عِیلَ علینا انطلقنا إلى دیْر قریب مِنّا، فسألناهم: أین هذا الماء الذی عندکم؟ قالوا: لیس قُرْبَنا ماء، فقلنا: بلى إنّا شربنا منه، قالوا: أنتم شَرِبتم منه! قلنا: نعم، فقال صاحب الدَّیْر: واللّه ما بُنِی هذا الدیر إلاّ بذلک الماء، وما استخرجه إلاّ نبیّ أو وصىّ نَبىّ.

قال العلامة المجلسی فما کان من الراهب إلا أن أتى الإمام(علیه السلام) وأعلن إسلامه ولازم الإمام(علیه السلام) حتى إستشهد لیلة الهریر فصلى الإمام(علیه السلام) علیه وأنزله القبر وقال: والله إنی لأرى موضعه فی الجنة.

4ـ فی الرقة

ثم سار حتى أتى الرَّقّة ـ وجلّ أهلها عثمانیة، فَرّوا من الکوفة إلى معاویة ـ فأغلقوا أبوابَها دونه، وتحصنّوا، وکان أمیرهم سماک بن مخرقة الأسدىّ فی طاعة معاویة، وقد کان فارق علیاً علیه السلام فی نحو من مائة رجل من بنی أسد، ثم کاتب معاویة، وأقام بالرَّقّة حتى لَحِق به سبعمائة رجل.

قال نصر: فروى حَبّة أن علیّاً علیه السلام لما نزل على الرّقة، نزل بموضع یقال له البَلِیخ على جانب الفرات، فنزل راهب هناک من صَوْمعته، فقال لعلىّ علیه السلام: إنّ عندنا کِتاباً توارثناه عن آبائنا، کتبه أصحابُ عیسى بن مریم، أعِرضه علیک؟ قال: نعم، فقرأ الراهب الکتاب:

بسم اللّه الرحمن الرحیم. الذین قضى فیما قضى، وسَطّر فیما کتب: أنه باعثٌ فی الأمیّین رسولاً منهم; یعلّمهم الکتابَ والحکمة، ویدلّهم على سبیل اللّه، لا فظٌّ ولا غلیظ; ولا صَخّابٌ فی الأسواق، ولا یجزی بالسیئة السیئة، بل یعفُوا ویصفح، أمّته الحمّادون الذین یحَمدون اللّه على کل نَشر، وفى کل صَعود وهَبوط، تذِلّ ألسنتهم بالتکبیر والتهلیل، والتسبیح; وینصرهُ اللّه على من ناوأه; فإذا توفّاه اللّه، اختلف أُمتهُ من بعده; ثم اجتمعت، فلبث ما شاءاللّه، ثم اختلفت، فیمرّ رجل من أمته بشاطىء هذا الفُرات، یأمر بالمعروف وینهى عن المنکر، ویقضِى بالحقّ ولا یرکُس الحکم، الدنیا أهون علیه من الرّماد فی یوم عصفت به الریح، والموت أهون علیه من شُرب الماء على الضمآن. یخاف اللّه فی السرّ، وینصح له فی العلانیة، لا یخاف فی اللّه لومةَ لائم; فمن أدرک ذلک النبىّ مِنْ أهل هذه البلاد فآمن به کان ثوابه رضوانی والجنّة، ومَنْ أدرک ذلک العبد الصالح فلینصرْه، فإنّ القتل معه شهادة.

ثم قال له: أنا مصاحبُک، فلا أفارقُک حتى یصیبَنی ما أصابک. فبکى علیه السلام، ثم قال: الحمدللّه الذی لم أکُنْ عنده منسیًّا، الحمدللّه الذی ذکرنی عنده فی کُتُب الأبرار.

فمضى الراهب معه، فکان فیما ذکروا یتغدّى مع أمیرالمؤمنین ویتعشّى، حتى أصیب یوم صفین; فلما خرج الناس یدفنون قتلاهم قال علیه السلام: اطلبوه، فلما وجده صلّى علیه ودفنه. وقال: هذا مِنّا أهلَ البیت، واستغفر له مراراً.(2)


1. سورة الدخان / 25 ـ 29.
2. وردت هذه القضایا التأریخیة فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3/288.

 

نزول علیّ بکربلاء تعبئة القوى لمواجهة العدو
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma