الخلافة وقصة سقیفة بنی ساعدة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
أضواء على السقیفةالاستدلال المنطقى على الخلافة

روی أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) لما قُبِض، اجتمعت الأنصار فی سَقیِفة بنی ساعدة، فقالوا: إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قد قبِض، فقال سعد بن عبادة لابنه قیس ـ أو لبعض بنیه: إنّی لا أستطیعُ أن أُسمِعَ الناسَ کلامی لمرضِى; ولکن تلقّ منی قولِی فأسْمِعهم. فکان سعد یتکلّم، ویستمع ابنه ویرفع به صوته لیُسمِع قومَه.

قال الطبری ثم خاطب سعد الانصار وذکرهم بسبقهم إلى الاسلام حین عادته العرب وقد لبث رسول الله(صلى الله علیه وآله) ثلاث عشرة سنة فی مکة فلم یجبه إلا القلیل، حتى انبریتم للدفاع عن الاسلام ونصرة النبی(صلى الله علیه وآله) ووقفتم إلى جانب الحق، إلى أن قبض النبی(صلى الله علیه وآله) وهو راض عنکم فانتم أولى بالخلافة من غیرکم.

فحدثه الحدیث، ففزِع أبو بکر أشدَّ الفزع، وخرجا مسرعیْن إلى سقیفة بنی ساعدة; وفیها رجالٌ من أشراف الأنصار; ومعهم سعد بن عبادة فقام أبو بکر فقال: إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) لما بُعث عظم على العرب أن یترکُوا دینَ آبائهم، فخالفوه وشاقّوه، وخصّ الله المهاجرین الأولین من قومِه بتصدیقه الإیمان به والمواساة له، والصَّبْر معه على شِدّة أذى قومه، ولم یستوحشوا لکثرةَ عَدوّهم; فهمْ أول مَنْ عَبَد الله فی الأرض، وهم أوّلُ مَنْ آمن برسول الله، وهم أولیاؤه عِتْرته، وأحقّ الناس بالأمر بعده، لا ینازعهم فیه إلاّ ظالم; ولیس أحدٌ بعد المهاجرین فضلاً وقَدَماً فی الإسلام مثلکم; فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا نمتاز دونَکم بمشورة، ولا نقضی دونکم الاُمور.

فقامَ الحُباب، وقال:

یا معشر الأنصار، لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فیذهبوا بنصیبکم من الأمر، فإن أبوْا علیکم ما أعطیتموهم فأجلُوهم عن بلادکم، وتولَّوْا هذا الأمر علیهم، فأنتم أوْلَى الناس بهذا الأمر، إنّه دانَ لهذا الأمر بأسیافکم مَنْ لم یکن یدین له. أنا جُذَیْلُها المحکَّک، وعُذَیْقُها المرجَّب، إن شئتم لنعیدنَّها جَذعة، والله لا یرّد أحدٌ علىّ ما أقول إلاّ حطّمتُ أنفه بالسَّیْف.

فقال عمر: هیهات! لا یجتمع سَیْفان فی غِمْد; إنّ العرب لا ترضى أن تؤمِّرَکم ونبیُّها من غیرکم.

قال: فلما رأى بشیر بن سعد الخزرجىّ ما اجتمعت علیه الأنصار من تأمِیر سعد بن عبادة ـ وکان حاسداً له وکان من سادة الخْزرج ـ قام فقال:

أیّها الأنصار، إنّا وإنْ کُنّا ذوِی سابقة، فإنّا لم نُرِدْ بجهادنا واِسلامنا إلاّ رضاً رَبِّنا وطاعة نبینا، ولا ینبغی لنا أن نستطِیل بذلک على الناس، ولا نبتغِی به عِوَضاً من الدّنیا، إن محمد(صلى الله علیه وآله)رجلٌ من قریش; وقومه أحقُّ بمیراثِ أمره، وایمُ الله لا یرانی الله أنازعهم هذا الأمر; فاتّقوا اللهَ ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم.

فقام أبو بکر، وقال: هذا عمر وأبو عُبیدة، بایعوا أیَّهما شئتم; فقالا: والله لا نتولّى هذا الأمر علیک.

و لما رأت الأوس أنّ رئیساً من رؤساء الخزرج قد بایع، قام اُسَید بن حُضَیر ـ وهو رئیس الأوس ـ فبایَع حسداً لسعد أیضاً، ومنافَسةً له أن یلىَ الأمرَ، فبایعت الأوس کلّها لمّا بایع اُسیَد، وأراد عمر ان یقتل سعدا إن لم یبایع، إلا أنه خشى من تهدید سعد بعد أن نصحه ابوبکر بالکف عنه.

و فسد الأمر فترکوه، فکانَ لا یصلِّی بصلاتِهم، ولا یجمع بجماعتهم، ولا یقضِی بقضائهم;( 1)ولو وجد أعوانا لضارَبهم، فلم یزلْ کذلک حَتى مات أبوبکر، ثم لِقَی عمرَ فی خلافته; وهو على فرس، وعمر على بعیر، فقال له عمر: هیهات یا سعد! فقال سعد: هیهات یا عمر! فقال: أنت صاحب مَنْ أنت صاحبه؟ قال: نعم أنا ذاک; ثم قال لعمر: والله ما جاوَرنی أحدٌ هو أبغضُ إلىّ جواراً منک، قال عمر: فإنه مَنْ کَرِه جوار رجل انتقل عنه; فقال سعد: إنّی لأرجو أن أخلِّیَها لک عاجلاً إلى جوار مَنْ هو أحبُّ إلىّ جواراً منک ومن أصحابک; فلم یلبث سعدٌ بعد ذلک إلاً قلیلاً حتى خرج إلى الشام، فمات بحُوران ولم یبایع لأحد; لا لأبی بکر ولا لعمر ولا لغیرهما.(2)والمعروف ان سعد قد قتل بید خالد بن الولید بأمر عمر حیث کمن له فی اللیل ورماه بسهمین ثم القى جسده فی بئر وشاع بین الناس ان الجن قتلت سعد بن عبادة. والطریف ما نقل عن مؤمن الطاق (محمد بن النعمان الاحول) المعروف بدفاعه عن أهل البیت حیث سئل لم لم ینازع علی ابابکر على الخلافة قال: خشى ان تقتله الجن.(3)

وقال المرحوم العلامة الامینی بهذا الخصوص «وکان من حشدهم اللهام رجال من الجن رموا سعد بن عبادة أمیر الخزرج».(4)

وحین حج عمر سمع من یقول «إن مات عمر بایع فلان»(5) فغضب عمر وصعد المنبر ثم قال: لا یقول أحد ذلک انما کانت بیعة أبی بکر فتنة وتمت... ولکن الله وقى شرها.


1. تاریخ الطبری 2/455 (بتلخیص).
2. شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید 6/10.
3. شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید17 / 223 (ذکر ذلک على أنه أحد اعتراضات الشیعة على ابی بکر حیث یعتقد البعض أنه أمر بقتل سعدا».
4. الغدیر 9/379 (لهام بمعنى الجیش العظیم).
5. یبدو المقصود هو علی(علیه السلام) (شرح البخاری للقسطلانی 11/352، نقلا عن البلاذری فی أنساب الاشراف). 

 

أضواء على السقیفةالاستدلال المنطقى على الخلافة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma