2 ـ سؤال القبر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الخامس عشر 1 ـ وداع الأحیاء للأموات

تطرقت الخطبة إلى سؤال القبر الذی ورد صریحاً فی الروایات الإسلامیة، کما ورد فی کلمات علماء العقائد. فقد ذکر المحقق الخوئی شارح نهج البلاغة فی شرحه المعروف بمنهاج البراعة أنّ المسلمین إتفقوا على أنّ سؤال القبر حق، بل هو من ضروریات الدین، ولم یخالفه إلاّ جماعة قلیلة من الملحدین، حیث روی عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «لیس من شیعتنا من أنکر ثلاثة: المعراج وسؤال القبر والشفاعة»( 1) کما وردت الروایات فی المصادر الإسلامیة بهذا الشأن، وإنّ الإنسان إذا وضع فی قبره، أتاه الملکان فسألاه عن عقائده; التوحید والنبوة وولایة الأئمة(علیهم السلام)، بل جاء فی أغلب الروایات أنّه یسئل عن أربع: عن عمره فیم قضاه، وعن شبابه فیم أفناه، عن ماله مم إکتسبه وفیم أنفقه، فان کان مؤمنا أجاب لیشمل برحمة اللّه وعنایته، وان کان کافراً عجز عن الجواب فیصب علیه العذاب. الجدیر بالذکر أنّ بعض القرائن فی الروایات المذکورة تفید أنّ مسائلة القبر لیست بالیسیرة بحیث یجیب عنها الإنسان کیفما شاء، بل إنّ جوابه مما تفرزه عقائد الإنسان وأعماله فی الحیاة الدنیا، وکأنّ سؤال القبر أول محکمة عدل إلهیة یشهدها الإنسان تؤهله لورود عالم البرزخ. بعبارة اُخرى فانّ الموت من الحوادث العظیمة التی تهز أعماق الإنسان وتذهله عما فی نفسه، فلا یبقى لدیه إلاّ ما کان حصله على سبیل الملکة وتأصل فی روحه وفکره. فقد ذکر العلاّمة المجلسی أنّ المشهور بین متکلمی الإمامیة هو أنّ سؤال القبر لیس عاما، بل یرتبط بمن محض الإیمان أو الکفر ، ولایشمل الضعفاء والمجانین والصبیان. کما ذکر المرحوم العلاّمة الخوئی بعد نقله لهذا الکلام أنّ الأخبار الواردة فی کتاب الکافی وسائر المصادر إنّما تؤید هذا المعنى.(2) والسؤال الذی یطرح نفسه هنا: هل سیطرح سؤال القبر على هذا البدن الجسمانی وهو الذی سیجیب عنه، أم أنّ السؤال والجواب مرتبط بروح الإنسان إلى جانب هذا البدن فی عالم البرزخ؟ بعبارة أخرى: هل السؤال للروح فی قالب المثال، أم لهذا الجسم المادی؟ هناک إختلاف بهذا الخصوص، فالبعض یعتقد بأنّ الروح ستعود بصورة مؤقتة إلى هذا الجسم (بالطبع لیست بصورة کاملة بل بالمقدار الذی یسع السؤال والجواب) فتسئل من قبل الملکین وتجیب. أمّا العلاّمة الجلسی وبعد تحقیقه فی الأحادیث الواردة بهذا المجال فقد قال: «المراد بالقبر فی أکثر الأخبار ما یکون الروح فیه فی عالم البرزخ»(3). ومن هنا تتضح الإجابة على الشبهة التی یثیرها بعض المغفلین من أننا لو وضعنا علامة على فم المیت وجئنا بعد یوم أو یومین ونبشنا قبره لتبین عدم تکلمه خلال تلک الفترة; وذلک لأنّ السؤال والجواب لیسا متعلقین بهذا الفم والبدن المادی، لکی نفتش فیهما. أمّا القرائن التی تؤید ما ذهب إلیه العلاّمة المجلسی، الآیة القرآنیة الشریفة القائلة: (ربَّنا أَمَتَّنا اثْنَتَیْنِ وَأَحْیَیْتَنا اثْنَتَیْنِ)(4) هذا ما سیورده الأثمون یوم القیامة، والذی یشیر إلى أنّ الأحیاء لم یحصل أکثر من مرتین; أحداهما فی الدنیا، والآخرى فی القیامة. فلو کان البدن المادی یتولى الاجابة فی القبر لوجب أن یعیش الحیاة فی القبر بصورة مؤقتة أیضاً، لیقود ذلک إلى وجود ثلاث میتات وثلاث حیاتات (الحیاة فی الدنیا والحیاة فی القبر والحیاة فی القیامة، والموت قبل الحیاة فی الدنیا، والموت فی آخر العمر، وا لموت بعد الحیاة فی القبر). ومن هنا لاینبغی التردید بأنّ السؤال والجواب مختصان بالروح فی قالبها البرزخی، وهو المعنى الذی وردت الإشارة إلیه فی الخطبة بالعبارة «أقعد فی قبره»، وإلاّ فانّ أغلب القبور ولاسیما تلک التی لالحد فیها لاتسع قعود الإنسان.


1. منهاج البراعة 6/40 ـ 41.
2. منهاج البراعة 6/42.
3. بحارالأنوار 6/271.
4. سوره غافر / 11.  

 

القسم الخامس عشر 1 ـ وداع الأحیاء للأموات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma