وظائف الملائکة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
لم الملائکة واسطة الوحی؟القسم الثانی عشر

خاض الإمام(علیه السلام) هنا فی بیان مختلف صور الملائکة وتقاسمها المسؤولیات و جانبا من منیراتها فقال(علیه السلام): «وأنشأهم على صور مختلفات، وأقدار متفاوتات «أولى أجنحة» تسبیح جلال عزته»(1).

حمل بعض شرّاح نهج البلاغة هذه العبارات على ظاهرها وقالوا: الملائکة أشکال مختلفة واقدار متفاوتة ولها أجنحة وهى دائمة التسبیح للّه سبحانه. بینما ذهب البعض الآخر إلى أنّ هذه العبارات کنایة عن تفاوت مقامات الملائکة ودرجات قوتها و قدرتها. ولما کانت الأجنحة وسیلة لدى الطیور للتحلیق فی السماء وکیفیة تفاوتها فی التحلیق تبعا لکیفیة هذه الأجنحة، فانّ هذه العبارة بشأن الملائکة إشارة إلى تفاوتهامن حیث القوه والقدرة على القیام بالوظائف والمسؤولیات. صحیح أننا مکلفون بحمل جمیع الفاظ القرآن الکریم وکلمات الأئمة المعصومین(علیهم السلام) على معانیها الحقیقة، دون حملها على الکنایة والمجاز ما لم تکن هناک قرینة واضحة فی الکلام، ولکن بالنظر إلى العبارات التی تواصل فیها کلام الخطبة بشأن أوصاف الملائکة، یبدو من المستبعد حمل هذه العبارات على معناها الظاهرى، ومن ذلک: «ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض السفلى...»، وکذلک العبارات التی وردت سابقاً بشأن الملائکة، کالذی ورد فیها فی الخطبة الاولى بشأن الملائکة: «ومنهم الثابتة فی الارضین السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العلیا أعناقهم...»(2)، فهذه العبارات یمکن أن تکون قرینة واضحة على أنّ لمثل هذه الأوصاف بعد کنائی ومعنوی لا ظاهری ومادی. ثم أشار(علیه السلام)فی مواصلة کلامه إلى بعض خصائص الملائکة وقال: «لا ینتحلون(3) ما ظهر فی الخلق من صنعه، ولایدعون أنّهم یختلقون شیئاً معه ممّا انفرد به»، ثم اردف(علیه السلام) کلامه مباشرة بما ورد فی القرآن الکریم بشأن التسلیم المطلق للملائکة أمام إرادة اللّه سبحانه وتعالى فقال: (عِبادٌ مُکْرَمُونَ * لا یَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ)(4)، نعم فهم آذان صاغیة لأوامره سبحانه وانقیاد مطلق لإرادته، وهذه أولى خصائص الملائکة التی أشارت الیها الخطبة، کما تشیر ضمنیاً إلى عصمة الملائکة وبعدهاعن الذنب والمعصیة والخطأ والزلل، فهى تبطل کافة مزاعم مشرکی العرب وغیر هم ممن قال بربوبیتها واُلوهیتها، وتصفهم بأنّهم عباد مطیعون منقادون ولیس لهم أن یکونوا شرکاء اللّه فی الخلق.

ثم أشار الإمام(علیه السلام) إلى وظیفة اُخرى من وظائف الملائکة بصفتهم حملة الوحی فقال: «جعلهم اللّه فیما هنالک أهل الامانة على وحیه، وحملهم إلى المرسلین ودائع أمره وفهیه، وعصمهم من ریب الشبهات. فما منهم زائغ(5) عن سبیل مرضاته» فالعبارة وإن نسبت ابلاغ الوحی الإلهی إلى جمیع الملائکة، إلاّ أنّ المفروغ منه هو أنّ المراد طائفة منهم; الأمر الذی صرح به القرآن الکریم بقوله: (اللّهُ یَـصْطَفِی مِنَ المَلائِکَةِ رُسُـل).(6) کما صرح(علیه السلام)فی الخطبة الاولى من نهج البلاغة بهذا المعنى قائل: «ومنهم أمنا على وحیه، وألسنة إلى رسله». و هذا تعبیر متداول بشأن الأعمال المهمة التی تصدر من فئة معینة ضمن جماعة لتحسب على أساس تلک الجماعة.

على کل حال فانّ العبارة تشیر إلى مدى أمانة الملائکة فی ابلاغ الوحی وایصاله على نحو الدقة دون نقیصة أو زیادة والوقع هو أنّ الإمام(علیه السلام) أشار بالعبارتین الأخیرتین إلى عصمة الملائکة من الذنب والزلل، حیث أشارت العبارة الاولى إلى عصمتها عن الشبهة والشک والخطئوالثانیة إلى عصمتها عن الذنب والمعصیة وعدم مخالفة الأوامر الإلهیة. کما أشار(علیه السلام)باربع عبارات إلى عنایة سبحانه بملائکة الوحی من أجل قیامها بهذه الوظیفة بصورة صحیحة. قال فی العبارة الاولى أنّه أمدهم سبحانه بلطفه وعنایته لیقوموا بهذه الوظیفة الخطیرة على أکمل وجه «وأمدهم بفوائد المعونة». ثم قال فی العبارة الثانیة «وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السکینة»(7) کما فتح لهم باب مدحه وتمجیده وسهل لهم ذلک زیادة فی عصمتهم وعلو مقامهم. وهذا ماأورده فی العبارة الثالثة «وفتح لهم أبواباً ذلل(8) إلى تماجیده(9)». ثم قال فی العبارة الرابعة «و نصب لهم منارا واضحة على أعلام توحیده» فقد أوجز الإمام(علیه السلام) بهذه العبارات أشکال الملائکة وصورها والفوارق بینها فی القوة و القدرة، إلى جانب بیان أحدى أهم وظائفها فی ابلاغ الوحی و صفات هذه الطائفة المبلغّة للوحی.


1. یمکن أن تکون العبارة «تسبح جلال عزته» أشارة إلى تسبیح الملائکة أمام جلال الحق وعزته، والصیغة المؤنثة بسبب مفهومها الجمعى.
2. راجع المجلد الأول من هذا الشرح /159.
3. «ینتحلون» من مادة «انتحال» بمعنى إدعاء الشخص شیئا لصالحه، وهو یتعلق بآخر.
4. سورة الأنبیاء/26 ـ 27.
5. «زائغ» من مادة «زیغ» على وزن میل بمعنى العدول عن الحق.
6. سورةالحج/75.
7. «اخبات» الخضوع والخشوع والتواضع.
8. «ذلل» جمع ذلول السهل.
9. «تماجید» جمع «تمجید» بیان المجد والشرف والعظمة الشخصیة. 
لم الملائکة واسطة الوحی؟القسم الثانی عشر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma