الزهد فی الدنیا

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثانیالدنیا الفانیة

قد یتصور أحیاناً بأنّ مفهوم الزهد هو التخلی التام عن الدنیا، والتقوقع فی زاویة والابتعاد عن المجتمع، والحال لاینسجم هذا المعنى والروح الاجتماعیة للإسلام; الأمر الذی ورد النهی عنه فی الروایات الإسلامیة.

والحق أنّ للزهد معنى آخر وهو ترک التعلق المفرط بالدنیا وعدم الوقوع أسیراً فی قبضة زخارفها ومفاتنها; وبخلافه فانّ الإنسان یسیر نحو الذنب والخطیئة ویبیع دینه وآخرته بمتاع الدنیا الفانی وهذا ما أشار إلیه الإمام(علیه السلام) بقوله: «إنّ من أعون الاخلاق على الدین، الزهد فی الدنیا»(1).

وقال الإمام الصادق(علیه السلام) بهذا الخصوص: «إذا تخلى المؤمن من الدنیا لسما، ووجد حلاوة حب الله»(2). وورد فی الحدیث أنّ علی(علیه السلام) رأى جابر بن عبدالله وهو یتنهد فقال: «یا جابر علام تنفسک؟ أعلى الدنیا؟» قال جابر: بلى.

فتطرق الإمام(علیه السلام) إلى بیان لذات الدنیا وأنّها لا تعدو أن تکون فی المأکل أو المشرب أو اللباس الفاخر، أو اللذة الجنسیة أو المرکب الهنیئ، ثم شرح ذلک قائلاً: فألذ المأکولات العسل وهو بصق من ذبابة، وأحلى المشروبات الماء؟ وکفى باباحته وسیاحته على وجه الأرض، وأعلى الملبوسات الدیباج وهو من لعاب دودة، وأعلى المنکوحات النساء وهو مبال فی مبال، ومثال لمثال، وإنّما یراد أحسن ما فی المرأة لأقبح ما فیها، وأعلى المرکوبات الخیل وهو قواتل، وأجمل المشمومات المسک وهو دم من سرة دابة، وأجل المسوعات الغناء والترنم وهو إثم، فما هذه صفته لم یتنفس علیه عاقل.

قال جابر بن عبدالله: فو الله ما خطرت الدنیا بعدها على قلبی(3).


1. منهاج البراعة، للعلاّمة الخوئی 7/182.
2. المصدر السابق.
3. بحارالانوار 75/11. 
القسم الثانیالدنیا الفانیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma