زهد النبی(صلى الله علیه وآله)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
الشرط الاصلی فی الزعامةالقسم السابع

خاض الإمام(علیه السلام) هنا فی صفات النبی(صلى الله علیه وآله) ورغبته عن هذه الدنیا لتکون سیرته قدوة تامة للاُمّة، و لیبین کیف یستطیع الإنسان أن یعیش الأمان من أخطار الدنیا فی ظل الإیمان و العمل الصالح فقال(علیه السلام): «قد حقر الدنیا وصغرها، وأهون بها وهونها».

فالعبارة إشارة واضحة إلى زهده(صلى الله علیه وآله): لأن من یحقر الدنیا ویوصی الاخرین باحتقارها، قطعا لیس له أدنى تعلق بها، وذلک لأنّ الشیء الحقیر والتافه لیس له قیمة فی استقطاب القلب والسیطرة على العقل.

ثم أکد(علیه السلام) هذا المعنى بالقول: «وعلم أنّ الله زواه(1) عنه اختیار(2)، وبسطها لغیره احتقاراً». والعبارة شبیه ماورد فی الآیة الشریفة من سورة الزخرف: (وَلَوْلا أَنْ یَکُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَکْفُرُ بِالرَّحْمـنِ لِـبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّة وَمَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ* وَلِـبُیُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَیْها یَـتَّکِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَ إِنْ کُلُّ ذ لِکَ لَمّا مَتاعُ الحَیاةِ الدُّنْیا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّکَ لِلْمُتَّقِـینَ).(3)

ثم واصل(علیه السلام) کلامه عن النبی(صلى الله علیه وآله): «فأعرض عن الدنیا بقلبه، وأمات ذکرها عن نفسه، وأحب أن تغیب زینتها عن عینه، لکیلا یتخذ منها ریاشاً، أو یرجو فیها مقاماً».

ورد الریاش بمعنى المفرد والجمع وهو اللباس الفاخر، وأصلها الریش، ویمکن أن یراد به جمیع زینة الدنیا ومنها اللباس الفاخر.

فأول مزیة لرسول الله(صلى الله علیه وآله) عدم اغتراره بزخرف الدنیا وزینتها فلم یقع فی مخالبها قط.

المزیة الاُخرى للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) تکمن فی وظیفته بتبلیغ الرسالة وایصال أوامر الله ونواهیه إلى جمیع العباد، وقد استفرغ وسعه فی هذا السبیل، حیث قال(علیه السلام): «بلغ عن ربّه معذراً، ونصح لأمته منذراً، ودعا إلى الجنّة مبشراً، وخوف من النار محذراً».

قطعاً لو فشل الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی المرحلة الاولى فی کیفیة التعامل مع الدنیا واغتر بنعمها ولذاتها، لما تمکن قط من القیام بالمرحلة الثانیة فی ابلاغ الرسالة السماویة، فأین إسارة النفس فی الدنیا من ابلاغ الرسالة.

ورد فی حدیث الإمام الصادق(علیه السلام) أنّ الله أوحى إلى موسى بن عمران(علیه السلام): «یا موسى إنّ الدنیا دار عقوبة عاقبت فیها آدم عند خطیئته، وجعلتها ملعونة، ملعون ما فیها إلاّ ما کان لی. یا موسى إنّ عبادی الصالحین زهدوا فی الدنیا بقدر علمهم، وسائر الخلق رغبوا فیها بقدر جهلهم».(4)


1. «زوى» من مادة «زی» على وزن طی الجمع والفیض والابعاد.
2. «اختیار» بمعنى الانتخاب والاصطفاء والاعتزاز ضد «الاحتقار».
3. سورة الزخرف/33 ـ 35.
4. الکافى 2/317 ح 9. 
الشرط الاصلی فی الزعامةالقسم السابع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma