«إِنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ بِشَرّ مِنَ الشَّرِّ إِلاَّ عِقَابُهُ، وَلَیْسَ شَیٌ بِخَیْر مِنَ الْخَیْرِ إِلاَّ ثَوَابُهُ. وَکُلُّ شَیْء مِنَ الدُّنْیا سَمَاعُهُ أَعْظَمُ مِنْ عِیَانِهِ. وَکُلُّ شَیء مِنَ الْآخِرَةِ عِیَانُهُ أَعْظَمُ مِنْ سَمَاعِهِ. فَلْیَکْفِکُمْ مِنَ الْعِیَانِ السَّمَاعُ، وَمِنَ الْغَیْبِ الْخَبَرُ. وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا نَقَصَ مِنَ الدُّنْیَا وَزَادَ فِىِ الآخِرَةِ خَیْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الآخِرَةِ وَزَادَ فی الدُّنْیَا. فَکَمْ مِنْ مَنْقُوص رَابِح وَمَزِید خَاسِر! إِنَّ الَّذِی أُمِرْتُمْ بِهِ أَوْسَعُ مِنَ الَّذِی نُهِیْتُمْ عَنْهُ وَمَا أُحِلَّ لَکُمْ أَکْثَرُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَیْکُمْ. فَذَرُوا مَا قَلَّ لِمَا کَثُرَ، وَمَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ. قَدْ تَکَفَّلَ لَکُمْ بِالرِّزْقِ وَأُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ فَلا یَکُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَکُمْ طَلَبُهُ أَوْلَى بِکُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَیْکُمْ عَمَلُهُ، مَعَ أَنَّهُ وَاللّهِ لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّکُّ وَدَخِلَ الْیَقِینُ، حَتَّى کَأَنَّ الَّذِی ضُمِنَ لَکُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَیْکُمْ، وَکَأَنَّ الَّذِی قَدْ فُرِضَ عَلَیْکُمْ قَدْ وُضِعَ عَنْکُمْ. فَبَادِرُوا الْعَمَلَ، وَخَافُوا بَغْتَةَ الاَْجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ یُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الْعُمُرِ مَا یُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ. مَا فَاتَ الْیَوْمَ مِنَ الرِّزْقِ رُجِیَ غَداً زِیَادَتُهُ. وَمَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ لَمْ یُرْجَ الیَوْمَ رَجْعَتُهُ. الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائی، وَالْیَأْسُ مَعَ الْمَاضِی. فَاتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».