العنف الهمجی للخوارج

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
1 ـ الخوارج وتکفیر أهل الذنوبالقسم الأول

هذا المقطع من الخطبة ناظر إلى الردّ على شبهات الخوارج التی لحقت بهم بفعل جهلهم وتعصبهم وتقلیدهم الأعمى، فهم یعتقدون بکفر من إرتکب الکبیرة، والکافر یجب قتله، فقد صنعوا لأنفسهم صغرى وکبرى وعلى أساسهما أجازوا لنفسهم قتل أی فرد من أصحاب  علی (علیه السلام) أینما وجدوهم، ومن هنا حمل هؤلاء الضالون المتعطشون لدماء الأبریاء سیوفهم على عواتقهم لیسفکوا دماء من شاءوا من الأبریاء فی مختلف مناطق البلاد الإسلامیة، فأتوا بالأفعال الشنیعة التی یندى لها جبین التاریخ، نعم لقد ابتکروا لأنفسهم صغرى وکبرى وقالوا: إن علیاً (علیه السلام) قبل تحکیم الأفراد فی مقابل القرآن، وعلیه فقد إرتکب الذنب، وکل من إرتکب الذنب فهو کافر، واتباع علی (علیه السلام) کذلک فهم کفرة، والکافر یجب قتله وقد رد الإمام علی (علیه السلام) بالعبارة المذکورة على خطأهم لیتم الحجة علیهم، فلو فرض (وفرض المحال لیس بمحال) أنّه ضل فما الذی یدعو إلى الحکم بضلالة کافة اُمّة محمد (صلى الله علیه وآله) بضلاله: «فَإِنْ أَبَیْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّی أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُظَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ، بِضَلاَلِی، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِی، وَتُکَفِّرُونَهُمْ نبِذُنُوبِی!».

ثم واصل کلامه بالقول: «سُیُوفُکُمْ عَلَى عَوَاتِقِکُمْ(1) تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ یُذْنِبْ».

فهذا العبارات تتضمن إشارة إلى عدّة أجوبة: الأول بطلان التصور القائم على أنی أحطأت وضللت، فأولاً: أنّی قبلت التحکیم بفعل ضغوطکم، وثانیاً: لو تمّ التحکیم بصورة صحیحة لکان مطابقاً للقرآن، فالواقع أنّ الحکم هو القرآن، ومن ینهض بالتحکیم إنّما یرجع إلى القرآن ویستنبط منه حکم الله سبحانه، فیطبق الکلیات على مصادیقها، کما مرّ ذلک فی الخطب السابقة، وعلیه فلیس هنالک من عمل مخالف حکم الله حتى یؤدّی إلى الخطأ والضلالة، ثالثاً: على فرض أنّی إرتکبت خلافاً فما معنى حمل ذلک على سائر المسلمین؟ لم تکفرونهم وتریقون دماء الأبریاء؟ أی قانون هذا الذی تتمسکون به؟ وبأی شرع تؤمنون؟

ثم إتّجه الإمام (علیه السلام) صوب خطأهم الأصلی المتمثل بقولهم کل مذنب کافر، فردّ علیهم ردّاً قاطعاً فقال: «وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله علیه وآله) رَجَمَ الزَّانِیَ الُْمحْصَنَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَیْهِ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ; وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِیرَاثَهُ أَهْلَهُ. وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِیَ غَیْرَ الُْمحْصَنِ، ثُمَّ قَسَمَ عَلَیْهِمَا مِنَ الْفَیْءِ، وَنَکَحَا الْمُسْلِمَاتِ; فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللّهِ(صلى الله علیه وآله)، بِذُنُوبِهِمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللّهِ فِیهِمْ، وَلَمْ یَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الاِْسْلاَمِ، وَلَمْ یُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَیْنِ أَهْلِهِ».

فقد أراد الإمام (علیه السلام) عدّة شواهد من سنّة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) تؤکد وضوح خطأ الخوارج، الأول أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) کان یعدم الزانی والقاتل، ثم یصلّی علیهما ویوّرث أهلهما، لو کفر هؤلاء بارتکابهم الزنا وقتل النفس لما وجب توریث أهلهم لهم حسب عقیدتکم، لأنّ المسلم لا یرث الکفّار، (هذه عقیدة أغلب فقهاء العامّة)، کما حدّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) سائر المذنبین کالسارق والزانی غیر المحصن، فقطع ید الأول وجلد الثانی، لکنّهم بقوا فی صفوف المسلمین فأجازهم جمیع الأحکام الإسلامیة کالزواج من المسلمات وأخذهم سهمهم من بیت المال، والحال لا تجرى علیه أی من هذه الأحکام إن کفر بارتکاب الکبیرة.


1. «عواتق»: جمع «عاتق» قسم من الجسم یقع بین الرقبة والکتف.

 

1 ـ الخوارج وتکفیر أهل الذنوبالقسم الأول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma