أنت عاجز

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
سلوک الإمام (علیه السلام) تجاه الفرد العدیم المنطقنظرة إلى الخطبة

کان علی (علیه السلام) الکهف الحصین للمظلومین والمحرومین على عهد الخلفاء الثلاث سیّما على عهد الخلیفة الثالث عثمان الذی جاوزت بطانته الحدّ فی الظلم والجور، فلم ترحم صغیراً ولم توقر کبیراً، فکان (علیه السلام) من یوصل نداء المظلومیة للخلیفة، فمن الطبیعی أن یسبب له هذا الأمر بعض المشاکل حیث کان یجند الاُمة ضد الخلافة الحاکمة.

فقد عرض الإمام (علیه السلام) بهذا الردّ على تهدید المغیرة بن الأخنس بالذم له والاستخفاف به، فأشار بادىء الأمر إلى جذور فساده ونقاط ضعفه لیخلص إلى نتیجة تفید عجزه عن القیام بأی عمل ضد الإمام (علیه السلام) فقال: «یَابْنَ اللَّعِینِ الاَْبْتَرِ، وَالشَّجَرَةِ الَّتِی لاَ أَصْلَ لَهَا وَلاَ فَرْعَ، أَنْتَ تَکْفِینِی؟»، والتعبیر عن المغیرة بن الأخنس باللعین کونه من رؤوس النفاق حیث أظهر الإسلام فی فتح مکة وأبطن الکفر، وقد حاول رسول الله (صلى الله علیه وآله) إستمالة قلبه فأعطاه سهماً کبیراً من غنائم حنین، وأخوه أبو الحکم الذی قتله علی (علیه السلام) یوم اُحد، ومن هنا حقد المغیرة على علی(علیه السلام)(1).

وأمّا وصف الإمام لأبیه بالأبتر لا أنّه لم یکن له عقب، بل الأبتر هنا تعنی انقطاعه عن الخیر والسعادة، أو أبتر من حیث النسب حیث کان أولاده ممن لا خیر فیهم فکانوا کالعدم، وأمّا قوله والشجرة التی لا أصل لها ولا فرع فهو کنایة عن وضاعة هذه الاُسرة وبُعدها عن القیم والمثل، فالواقع أنّ قول الإمام (علیه السلام) إقتباس من الآیة الشریفة: (وَمَثَلُ کَلِمَة خَبِیثَة کَشَجَرَة خَبِیثَة اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الاَْرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَار)(2).

ثم قال الإمام (علیه السلام): «فَوَاللّهِ مَا أَعَزَّ اللّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ، وَلاَ قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ(3)»، العزّة والقدرة بید الله سبحانه ذلک طبقاً للآیة الکریمة: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللهَ یَنصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ)(4).

وقوله تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَیَوْمَ یَقُومُ الاَْشْهَادُ)(5)، فالعزّة لله لا للمنافقین، ثم إختتم الخطبة باستخفافه الشدید بالمغیرة فقال: «اُخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللّهُ نَوَاکَ(6)، ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَکَ، فَلاَ أَبْقَى اللّهُ عَلَیْکَ(7) إِنْ أَبْقَیْتَ!».

إشارة إلى أنّک لأصغر من أن تهدد علیاً (علیه السلام)، فافعل ما بوسعک لترى إنّک لا تقوى على شیء، وبائس هو الفرد الذی أنت ناصره.


1. یقال إنّ عداء آل المغیرة استمر ضد علی (علیه السلام) حتى شهد ولده عبد الله المعرکة الجمل فقتل فیها (شرح نهج البلاغة للمرحوم التستری 9/266).
2. سورة ابراهیم / 26.
3. «منهض»: من مادة «نهض» القیام من المکان ومنهض من باب إفعال الشخص الذی یساعد غیره لینهض.
4. سورة محمّد / 7.
5. سورة غافر / 51.
6. «نواک»: من مادة «نوا» والکاف ضمیر متصل تعنی فی الأصل غایة المسافر بعیدة کانت أم قریبة.
7. فالعبارة لا أبقى الله علیک تطلق حین اللعن لیبعد عن رحمة الله، والعبارة إن بقیت تعنی لا رحمک الله إن رحمتنی، فهى فی الواقع استخفاف بالمخاطب، فافعل ما شئت إنّک لا تقدر على شیء.

 

سلوک الإمام (علیه السلام) تجاه الفرد العدیم المنطقنظرة إلى الخطبة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma