اعفنا من الجهاد

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
9 ـ حجاب الأمانیّ8 ـ حجاب حب الرفاه

أشارت الآیة الاُولى إلى أولئک الذین لم یستعدوا لتنفیذ الأوامر الإلهیّة فی مجال الجهاد، فبالرغم من اقتدارهم الجسمی والمالی للحضور فی سوح القتال لکنهم انضموا إلى صفوف القاعدین وغیر القادرین على الجهاد، وقد ألحوا على الرسول(صلى الله علیه وآله) بأن یذرهم ویجعلهم مع القاعدین والخوالف.

و«القاعدین» جمع «قاعد» وهم المعذورون عن الجهاد.

و«الخوالـف» جمـع «خالفـة» ومن مـادة (خَلْف) ومعنـاها یقـابل الأمام، ولهذا یقال «خالفة» للنساء اللاتی یبقین ماکثات فی بیوتهنَّ عنـد خروج رجالـهن، ولا یبعد أن یکون مفهوم هذه المفردة أعم من النساء، بحیث یشمل جمیع العاجزین عن الجهاد والمعذورین عن الالتحاق بساحات القتال من النساء والأطفال والشیوخ والمرضى.

یقول الراغب فی مفرداته: إنّ «خـالفة» عمـود یجعل فـی نهایة الخیمـة وتطـلق ـ کنایة ـ على النسـاء الماکثات فی البیوت، ویقول البعض: إنّ «خالف» من تخلّف کثیر(1).

وتستعمل هذه المفردة ـ أحیاناً ـ بمعنى «کریه الرائحة» من باب أنّ الـرائحة الکـریهة تستخلف الرائحة الجیدة إذا ما ذهبت.

وقال البعض: إنـّها بمعنـى الانحطـاط والمیـل إلى الاُمور الدنیئة لانَّ هذا المَیْل یدلّ على التخلف(2)، إلاّ أنّ المعنى الأول أنسب من بقیّة المعانی.

وعلى أیّة حال، فإنّ محبی الرفاه وطلاب العافیة غیر مستعدین للایثار والتضحیة عند الأزمات والکوارث الاجتماعیة، وهم مستعدون لأنّ یُجعلوا فی صفوف الأطفال والمرضى دون أن یلتحقوا بصفوف المجاهدین، ویقول القرآن فیهـم، فی نهایـة الآیـة نفسهـا: (وَطُبـِعَ عَلـى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَفْقَهُونَ).

نعـم، إنّ حبّ الراحـة والرفاه کالحجاب الذی یمنع من الرؤیة الفکریة الصحیحة، فهؤلاء لا یدرکون أنّ السعادة لیست بالأکل والشرب، بل قد تکون فی الحضور فی میادین الجهاد، وفی التخضب بالدماء، وبلقاء الله، إلاّ أنّ الـذی لا یفهم هذه الاُمور یستهزئ بها.

وتشیر الآیة الثانیة إلى المعذورین عن الجهاد مثـل الضعفـاء والمرضى والذین لا یملکون الوسیلة للقیام بهذا الأمر، بینمـا تشـتاق إلیه قلوبهم، وتـصب دموعهـم لعـدم اقتدارهم على الانفـاق، یقـول الله فیهـم: (إِنَّمـَا السَّبِیـلُ عَلَـى الَّـذِیْنَ یَسْتَـأْذِنُونَـکَ وَهُـمْ أَغْنِیـَاءُ رَضُـوا بِـأَنْ یَکُونُـوا مَـعَ الْخَـوَالِفِ).

ثـم یضیـف: (وَطَبَـعَ اللهُ عَلـى قُلُوبِهِـمْ فَهُـمْ لاَ یَعْلَمُـونَ) وذلک لأنّ الـمیل إلى الراحة جَعَلَ حجاباً سمیکاً على قلوبهم فلا یکادون یفقهون شیئاً، إنّ کلتا الآیتین توضح حقیقة واحدة وهی العلاقة بین «التخلف عن الجهاد لأجل الراحة والصحة» و«عدم إدراک الحقائق».


1. تفسیر المنار، ج 10، ص 572.
2. تفسیر الکبیر ، ج 16، ص 163.

 

9 ـ حجاب الأمانیّ8 ـ حجاب حب الرفاه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma