تمهید

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
التبریرات المنحرفةشکر المنعم فی الروایات الإسلامیة

عندما نتحدث عن الفطرة فالمقصود هو نفس تلک الاحساسات الداخلیة والإدراکیة التی لاتحتاج إلى أی استدلال عقلی .

عندما نشاهد منظراً طبیعیاً جمیلا جدّاً أو زهرة ذات لون ورائحة طیبة نحسُّ بقوة جذب تدفعنا نحوه ، ویسمى هذا الاحساس بالمیل نحو الجمال وحبه ولا نرى أی حاجة هنا للبرهنة على إثبات قولنا هذا.

أجل ، إنّ المیل للجمال یعد من الرغبات المتعالیة للروح الإنسانیة .

إنّ الاندفاع نحو الدین وخاصةً معرفة الله هو أیضاً من هذه الاحساسات الفطریة والداخلیة ، بل هو من أقوى الدوافع فی أعماق طبیعة وروح جمیع البشر .

ولهذا السبب لا نشاهد قوماً أو أمة لا فی الحاضر ولا فی الماضی التاریخی لم تکن تمتلک نوعاً من العقائد الدینیة تتحکم فی فکرها وروحه ، وهذه علامة على أصالة هذا الاحساس العمیق .

وانطلاقاً من أن التوحید الفطری یُطرح فی مجال براهین معرفة الله کبرهان مستقل مع کل آیاته ، لا نرى داعیاً للبحث المسهب حول هذا الموضوع ، فنکتفی بذکر نقطة واحدة ونؤجل المزید من البحث حول هذا الموضوع فی محلّه إن شاء الله .

عندما یذکر القرآن قصص نهضة الأنبیاء العظام فانّه یؤکد فی عدة مواضع على هذه النقطة وهی أنَّ الرسالة الأصلیة للأنبیاء تتمثل بازالة آثار الشرک والوثنیة ( ولیس إثبات وجود الله ، لأنّ هذا الموضوع مخبَّأٌ فی أعماق فطرة کل إنسان ) .

وبتعبیر آخر : إنّهم لم یکونوا بصدد غرس « بذور عبادة الله » فی قلوب الناس ، بل کانوا فی صدد سقایة الغرسة الجدیدة الموجودة واستئصال الأشواک والأدغال الزائدة المضرة التی قد تقتل أو تُذبِل هذه النبتات بصورة تامة فی بعض الأحیان .

وردت جملة: ( أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ اللهَ ) أو ( أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إیَاهُ ) فی کلام الکثیر من الأنبیاء فی القرآن الکریم ، وهی عبارات تفید نفی الأصنام ولیس اثبات وجود الله.

کماجاء فی دعوة رسول الإسلام(صلى الله علیه وآله وسلم): (أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إَنَّنِی لَکُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ وَبَشِیرٌ).(هود / 2)

ودعوة نوح(علیه السلام): (أن لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ عَذَابَ یَوْم أَلِیم). (هود/26)

ودعوة یوسف(علیه السلام): (... أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لاَیَعْلَمُونَ).(یوسف / 40)

ودعوة النبی هود(علیه السلام): (..أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ عَذَابَ یَوْم عَظِیم).(الاحقاف / 21)

وَفضلا عن هذا فَإننا نمتلک فی أعماق نفوسنا أحاسیس فطریة أصیلة أخرى، منها ما نراه فی نفوسنا فی الرغبة الشدیدة للعلم والمعرفة والاطلاع .

فَهل من الممکن أن نشاهد هذا النظام العجیب فی هذا العالم المترامی ، ولا تکون لنا رغبة فی معرفة مصدر هذا النظام ؟

ألیس من الغرابة أن یقضی أحد العلماء مدة عشرین سنة من أجل التعرف على حیاة النمل ، ویثابر عالِم آخر عشرات السنین لمعرفة عادات أوضاع بعض الطیور أو الأشجار أو أسماک البحار بدون أن یکون لدیه دافع لحب العلم ؟ هل یمکن أنّهم لا یریدون معرفة مصدر هذا البحر اللامتناهی الذی یشمل الأشیاء من الأَزلِ إلى الأبد ؟ !

نعم ، هذه دوافع تدعونا إلى « معرفة الله » ، العقل یدعونا إلى هذا الطریق ، العواطف تجذبنا نحو هذا الاتّجاه ، والفطرة تدفعنا إلى هذه الجهة .

کانت هذه خلاصة للمحفزات والدوافع الواقعیة والحقیقیة لظهور الدین ومعرفة الله .

 

التبریرات المنحرفةشکر المنعم فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma