2 ـ هل أنَّ الرزقَ مقسومٌ ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
3 ـ إذا کانَ الرزقُ مضموناً للجمیع فلماذا یموتُ البعضُ جوع ؟1ـ من عجائب عالم الأرزاق

وردت هذه النکتة فی بعض الآیات أعلاه وهی أنَّ رزقَ کلِّ دابة على الله ، وقد تکفَّلَ الله به: ( وَمَا مِنْ دَابَّة فِى الأَرْضِ اِلاَّ عَلى اللهِ رِزْقُهَ ... ).( هود / 6 ) وورد فی بعض آخر أنّ سعة الرزق وضیقة مشیئة الهیة . ( الروم / 37 وآیات اُخرى ).

واُشیر إلى هذا المعنى فی الروایات أیض ، فیقول امیر المؤمنین (علیه السلام) : «وَقَدَّر الأرزاقَ فکثَّرها وقلَّلها وقسَّمها على الضَّیق والسَّعة »(1).وفی حدیث آخر عنه (علیه السلام) نقرأ فی حثِّه على طلب العلم إذ یقول :«إنَّ طلبَ العلمِ أوجَبُ علیکم من طلبِ المال ، إنَّ المالَ مقسومٌ مضمونٌ لکم قد قسَّمَهُ عادلٌ بینکم وضَمِنَه وَسَیَفی لکم والعلمُ مخزونٌ عند أهلهِ قد اُمرتُم بطلبهِ» (2).

والآن یبرز هذا التساؤل وهو: لو کان الأمر کذلک فما هو مفهوم السعی والاجتهاد لطلب الرزق والتخطیط لتحسین الوضع الاقتصادی للمجتمع ؟ولکن من خلال التمعُن فی الآیات والروایات فیما إذا جُمعت مع بعضها یتضح الجواب على هذا السؤال بأنَّ المقصود من ضمان الرزق من قبل الله تعالى وتکّفله والتزامه بتقسیمه هو اعداد الأرضیة اللازمة ، ومتى ما تظافرت الأرضیة الخارجة عن طاقة الإنسان ، والاستعدادات الموجودة فی ذاتهِ ، یستلم الإنسان نصیبه من الرزق .وهذا یشبه تماماً رواتب العاملین فی مؤسسة ما والتی یحددها المدیر إلاّ أنَّه لا یجلبُ تلک الرواتب إلى بیوتهم بل یجب علیهم أن یعملو ، ثم یذهب کلٌ منهم لملء بطاقةِ راتبه لیستلمه .ولا یجب نسیان هذه الحقیقة بأنّ الله تعالى ومن أجل أن لا یضیع الناس فی « عالم الأسباب » ویعتبروا أنَّ حاصل الرزق یأتی عن طریق السعی والاجتهاد فقط ، فهو یوصل الرزق أحیاناً لاناس لم یبذلوا جهداً جهیداً وقد یسلب الرزق من أشخاص مجتهدین کی یوضح أنَّ وراء هذا العالم قدرةً اُخرى ( ولکن یجب أن لا ننسى أنَّ هذا مجرّد استثناء ، وأمّا القاعدة الأساسیة فهی السعی والاجتهاد ) .ولعلّه لهذا الأمر ورد فی حدیث عن الرسول (صلى الله علیه وآله) أنّه قال :«واعلموا أنَّ الرزقَ رزقان : فرزقٌ تطلبونه ورزقٌ یطلبکُم فاطلبوا أرزاقکم من حلال ، فانّکم إن طلبتموها من وجوهها أکلتموها حلالا وإنْ طلبتموها من غیر وجوهها أکلتموها حراماً»(3) .هذا الفارقُ فی الرزق یعتبرُ فی الواقع دلیلا على الجمع بین الآیات والروایات التی تعتبرُ الرزقَ مُقَسَّماً ومضمون ، والروایات التی تعاکسه ، التی تعتبر الجد والاجتهادَ والمثابرة شرطاً للاستفادة من الرزق(4).

بالإضافة إلى أنَّ التعرف على هذا الاختلاف فی الرزق یدفع الحریصین إلى التخلی عن حرصهم ، ولا یتلوث المؤمنون بتحصیل الرزق من الحرام ، ولا ییأس المحرومون أیض .


1. نهج البلاغة خطبة 91 .
2. معالم الدین، ص 9 .
3. وسائل الشیعة، ج 17، ص 47.
4. من أجل التعرف على هذه الروایات یراجع، وسائل الشیعة ج 12، کتاب التجارة، ص 9 و 16 و 18 و 22 و24 و26 .

 

3 ـ إذا کانَ الرزقُ مضموناً للجمیع فلماذا یموتُ البعضُ جوع ؟1ـ من عجائب عالم الأرزاق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma