4 ـ سعةُ الرزق وضیقه

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
تمهید3 ـ إذا کانَ الرزقُ مضموناً للجمیع فلماذا یموتُ البعضُ جوع ؟

وردَ فی الآیات أعلاه أنَّ الله تعالى یبسطُ الرزقَ لمن یشاء ویُضیقَهُ على مَنْ یشاء ، وهذا التعبیر الذی تکرَّر فی آیات عدیدة یمکنُ أن یُوجدَ هذا الخلط وهو أنَّ نظام الرزق خارجٌ عن إرادة الإنسان بشکل کامل ، طبقاً لذلک فلو تَنَعَّمَ قومٌ وحُرمَ آخرون فهذه مشیئة الله ولیس ما کسبته أیدینا ولیس لنا حول ولا قوّة! ویُمکن أن یکون هذا مکسباً جیداً لاُولئک الذین یشکلون على أصل الدین ویعتبرونه ولیداً للحرکات والمشاریع الاستعماریة .ولکن لو تأملنا فی هذه الآیات والروایات وفکّرنا فی أسباب ضیق الرزق وسعَته لتجلّى لنا تفسیر هذه الآیات وأسرارها وسیتم القضاء على تلک الأفکار الهدّامة ، ونتوصل إلى اُمور مهمة وقیمّة للغایة .لقد قلنا مراراً أنَّ التعبیر بـ « الارادة الإلهیّة » لا یعنی الإرادة التی تخلو من الحساب والکتاب ، بل الإرادة الممتزجة بـ « الحکمة » .إنَّ حکمة الله تقتضی أنّ من یسعى ویجتهد ویُخلصُ ویُضحی أکثر، یکون رزقه أوسعُ: ( وأَنْ لَّیْسَ لِلاِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ).( النجم / 39 )و( کُلُّ نَفْس بِمَا کَسَبَتْ رَهِیْنَةٌ ).( المدثر / 38 )( وَمَنْ یَتَّقِ اللهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَیَرزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لاَ یَحتَسِبُ ).(الطلاق / 2 ـ 3)

فالتقوى تؤدّی إلى سیادة العدالة الاجتماعیة ومن ثمَّ تؤدی إلى سعة الرزق ، کما أنّ السعی والمثابرة تُعِدُّ الأرضیة اللازمة للازدهار الاقتصادی وتعتبر سبباً فی سعة الرزق ، وبناءً على ذلک فانَّ التعالیم أعلاه ونظراً لجذورها واصولها لا تعتبر سبباً فی الخمول وترک السعی ، بل إنّها من العوامل المؤثرة فی السعی والاجتهاد .والشاهد هو هذا الحدیث القیّم الذی نُقل عن الإمام علی (علیه السلام) ، حیث یقول :«إنَّ الأشیاءَ لمّا ازْدَوَجَتْ إزْدَوَجَ الکَسَلُ والعَجْزُ فَنَتَجا بینهما الفَقْر»(1).نعم .. ففقرُ کلِّ قوم ، نتیجة مباشرة لضعفهم وخُمولهم ، وقد اقتضت الحکمة الإلهیّة أنْ یضیق الرزقُ على مثل هؤلاء .إنَّ التَأمُّلَ فی أسباب ضیق وسعة الرزق فی الروایات شاهدٌ ناطقٌ آخر على القول السابق.

ومن جملة الاُمور التی ذکرتها فی الروایات کاسباب لسعة وبسط الرزق ما یلی :

صلة الرحم ، نظافة الدار والأوانی والجسم ، مواساة المسلمین ، السعی مبکراً لطلب الرزق ، شکر النعمة ، الاقلاع عن البخل ، اجتناب الیمین الکاذبة ، الاستغفار والتوبة من الذنوب ، حسن النیة فی الأعمال ، الاحسان إلى الجیران وذکر الله (2).نقرأ فی حدیث عن النبی (صلى الله علیه وآله) : طیبُ الکلام یزیدُ فی الارزاق (3) .وجاء فی حدیث عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) : «فی سعةِ الاخلاقِ کنوز الأرزاق» (4) .وورد فی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام) : «کَثرةُ السُحتِ یمحقُ الرزق» (5) .


1. وسائل الشیعة، ج 17، ص 60.
2. بحار الأنوار، ج 73، ص 314 ( باب ما یورث الفقر والغنى)، و سفینة البحار ، ج 1، ص 519 و 520.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
5. المصدر السابق.

 

تمهید3 ـ إذا کانَ الرزقُ مضموناً للجمیع فلماذا یموتُ البعضُ جوع ؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma