القرآن وبرهان الصدّیقین:(1)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
بزوغ الشمس دلیل علیهاشرح المفردات

تقول الآیة الاُولى التی وردت فی هذا البحث بعد الإشارة إلى آیات الآفاق والأنفس الدالة على حقانیة وجود الله سبحانه وتعالى: ( أَوَ لَمْ یَکفِ بِرَبِّکَ اَنَّهُ عَلَى کُلِّ شَىء شَهِیدٌ ).

یمکن أن تکون کلمة (شهید) هنا بمعنى الشاهد أوالحاضر والمراقب، أو تعنی کلا المعنیین وذلک لصدقهما فی الله سبحانه، والآیة المذکورة أعلاه مطلقة من هذه الجهة.

واستناداً إلى هذا التفسیر یکفی لإثبات ذاته المقدّسة أن یکون شاهداً وحاضراً فی کلّ مکان، فکلّ موجود ممکن نجد إلى جانبه ذات واجب الوجود، وحیثما نظرنا کان الوجود المطلق ظاهراً، وکلّ ما وقع علیه نظرنا وجدنا وجهه فیه، ونحسّ بخضوع العظماء لعظمته، وهو مصداق حدیث أمیرالمؤمنین (علیه السلام): «ما رأیت شیئاً إلاّ ورأیت الله قبله وبعده ومعه»(2).

وفی تفسیر المیزان أنّ (شهید) تعنی (مشهود) وبذلک یکون معنى الآیة:

«أو لم یکف فی تبیّن الحقّ کون ربّک مشهوداً على کلّ شیء إذ ما من شیء إلاّ وهو فقیر من جمیع جهاته إلیه متعلّق به وهو تعالى قائم به قاهر فوقه فهو تعالى معلوم لکلّ شیء وإن لم یعرفه بعض الأشیاء»(3).

ونتیجة هذا التفسیر هو إثبات وجود الله من الآیة أعلاه أیضاً، ولکن عن طریق برهان الغنى والفقر.

یقول الفخر الرازی: «أو لم تکفهم هذه الدلائل الکثیرة التی أوضحها الله تعالى وقرّرها، الدالّة على التوحید والتنزیه...»(4) (وعلى هذا فالآیة ناظرة إلى إثبات وجود الله عن طریق برهان النظم).

ویرى بعض المفسّرین أنّ الآیة ناظرة إلى قضیّة إثبات المعاد حیث یقولون:

«أو لم یکف بربّک أنّه شاهد على کلّ شیء، ممّا یفعله العبد وفی هذا کفایة لمحکمة یوم الجزاء»(5).

ویعتقد البعض الآخر أنّ الآیة ناظرة إلى حقّانیة القرآن الکریم، ونبوّة الرسل، ویقولون: «أولم یکف ربّک شاهداً أنّ القرآن من عند الله»(6).

ویبدو أنّ التفاسیر الثلاثة الاُولى من بین التفاسیر الخمسة هذه والتی ترى أنّ الآیة ناظرة إلى قضیّة التوحید وإثبات وجود الله هی أکثر صحّة، ویبدو التفسیر الأوّل منها أکثر انسجاماً مع معانی الألفاظ الواردة فی الآیة، وبذلک یکون شاهداً على (برهان الصدّیقین).

وننهی هذا الکلام بحدیث معتبر للإمام الصادق (علیه السلام).

عن منصور بن حازم قال: قلت لأبی عبدالله (علیه السلام): إنّی ناظرت قوماً فقلت لهم: إنّ الله جلّ جلاله أجلّ وأعزّ وأکرم من أن یُعرف بخلقه بل العباد یُعرفون بالله، فقال: «رحمک الله»(7).

ومن الطبیعی أنّ هذا الکلام لا یتنافى أبداً مع استخدام برهان النظم وأدلّة التوحید وعظمة الله فی موجودات العالم، فی الحقیقة فإنّ برهان النظم فی مستوى، وهذا البرهان (برهان الصدّیقین) هو فی مستوى أعلى وأرفع.


1. قال البعض: إنّ تسمیة هذا البرهان بـ (برهان الصدّیقین) لأنّ صدّیق هو صیغة مبالغة ویعنی کثیر الصدق. صحیح أنّ الأدلّة الاُخرى التی أوردناها لإثبات وجود الله صادقة بَیدَ أنّ هذا البرهان أشدّ صدقاً نظراً إلى أنّا نصل فی البرهان من ذات الله سبحانه وتعالى إلى الله ولا نسمح لغیره فی هذا الطریق.
2. یعتقد الکثیر من المفسّرین بأنّ الباء فی (بربّک) زائدة وتفید التأکید، وقد حلّت (ربّک) محلّ الفاعل، وجملة (على کلّ شیء شهید)هی بدل منه والجملة تعنی (أو لم یکفهم أنّ ربّک على کلّ شیء شهید).
3. تفسیر المیزان، ج 17، ص 405.
4. تفسیر الکبیر، ج 27، ص 140.
5. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5819.
6. راجع تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 20.
7. اُصول الکافی، ج 1، ص 86، باب أنّه لا یعرف إلاّ به، ح 3.

 

بزوغ الشمس دلیل علیهاشرح المفردات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma