الله شاهد على وحدانیة ذاته:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
هو الأوّل والآخر والظاهر والباطنتمهید

تمّ تفسیر آیة البحث الاُولى فی مباحث (برهان الصدّیقین) السالفة ونمرّ علیها هنا باختصار.

إنَّ مضمون هذه الآیة هو أنّ الله عزّوجلّ یشهد على وحدانیته وکذلک الملائکة والعلماء (کلّ واحد بشکل): (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلائِکَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ).

ومن علامات وحدانیة ذاته المقدّسة هی حاکمیة النظم والعدل على الکون، ولعلّ الآیة تشیر إلى هذا الجانب فی ذیلها: (قَائِماً بالْقِسْطِ) ثمّ تستند إلى وحدانیة ذاته المقدّسة مرّة اُخرى وتقول: ( لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزیزُ الحَکیمُ ).

ومن البدیهی أنْ لو کانت ثمّة آلهة تحکم الکون، فإنّ منطقة کلّ إله لا تکون فی اختیار الثانی، وبتعبیر آخر یکون کلّ واحد فاقداً لقدرة الثانی، وهذا لا ینسجم اتّصافه بـ (العزیز).

کما أنّ حکمته التی تحکم العالم آیة اُخرى على وحدانیته، فلو تعدّدت الأکوان کانت نهایتها الفساد والدمار.

أمّا کیفیة شهادة الملائکة بوحدانیة الله عزّوجلّ فإنّها واضحة، ولکن هناک کلام بین المفسّرین حول کیفیة شهادة الله على وحدانیة ذاته، فبعض یقول: المراد هو الشهادة اللفظیة التی وردت فی آیات قرآنیة مختلفة، وبعض یقول: إنّ آثار وحدانیته ظاهرة فی عالم الوجود فی الآفاق والأنفس لأنّ النظام الوحد هو الحاکم على الجمیع وهذا هو معنى شهادة الله على وحدانیته.

إنَّ کلّ ذلک صحیح، ولکن تضاف إلیها شهادة اُخرى وتستحقّ التفصیل فیها وهی أنّ ذاته المقدّسة بنحو یأبى التعدّد، وجود لا نهایة له، والوجود اللانهائی واحد فقط، فذاته إذن دلیل على وحدانیة ذاته (فتأمّل جیّداً).

ولا منافاة ـ طبعاً ـ بین التفسیرات الثلاثة ویمکن أن تکمن فی مفهوم الآیة، وعلیه فإنّ إصرار بعض المفسّرین مثل صاحب (المیزان) فی أنّ تفسیر الآیة ینحصر فی المعنى الأوّل (الشهادة اللفظیة) مع ملاحظة إطلاق لفظ الآیة ممّا لا یوجد دلیل واضح علیه.

أمّا السبب فی تکرار جملة (لا إله إلاّ الله) فی الآیة، فالظاهر هو أنّ الأولى بمثابة المقدّمة، والثانیة النتیجة، ولعلّ فی الروایة التی وردت فی تفسیر القرطبی (المفسّر السنّی المعروف) عن الإمام الصادق (علیه السلام) إشارة إلى هذا المعنى حیث یقول فیها: الاُولى وصف وتوحید، والثانیة رسم وتعلیم یعنی ( قولوا لا إله إلاّ الله العزیز الحکیم )(1).


1. تفسیر القرطبی، ج 2، ص 1285.

 

هو الأوّل والآخر والظاهر والباطنتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma