3 ـ الدلیل على توحید الصفات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
تمهید2 ـ مفهوم توحید الصفات

إنّ الخوض فی صفات المخلوقات وعدم القدرة على استیعاب مفهوم توحید الصفات هو السبب فی انحراف بعض المتکلّمین وعلماء العقیدة عن المسیر الصحیح فی موضوع صفات الله، أمثال طائفة (الکرامیة) وهم أتباع محمّد بن کرام السیستانی الذین اعتقدوا بأنّ صفات الله حادثة، وکذلک کانوا یعتقدون أنّ الله لم یکن مالکاً لهذه الصفات ابتداءً ثمّ امتلکها!

وهذا الکلام فی غایة القبح! ولا یمکن لأحد أن یصدّقه، مَنْ یصدّق بأنّ الله کان عاجزاً فی البدایة ثمّ اقتدر؟ فمن الذی أعطاه القدرة! ومن الذی وهبه العلم؟!

ولذا یحتمل أن یکون مرادهم هو صفات الفعل کالخالقیة والرازقیة، لأنّ الله قبل أن یخلق موجوداً ویرزقه لا معنى للخالقیة أو الرازقیة بالنسبة إلیه (طبعاً کان قادراً على الخلق والرزق ولکن القدرة على شیء غیر إیجاده) إلاّ أنّ البحث فی توحید الصفات لا یرتبط بصفات الفعل والکلام هو فی صفات الذات کالعلم والقدرة، وکما سیأتی مفصّلا بأنَّ صفات الفعل مستقلّة عن صفات ذات الله، فصفات الفعل شیء ینتزعه العقل بعد مشاهدة أفعال الله وینسبها إلى الله (سنقرأ تفصیل ذلک لاحقاً).

وأوضح إشارة فی باب إثبات وحدة الصفات فی الآیات القرآنیة هی الآیة القائلة: (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَىْءٌ ) و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ... ) التی تقدّم تفسیرها وتدلّ على أنّ ذاته المقدّسة لا تتّصف بأیّة إثنینیة.

ویمکن فی الاستدلالات العقلیة الاستناد إلى بعض النقاط:

1 ـ ثبت فی الأبحاث السابقة أنّ الله غیر متناه من جمع الجهات ولذا لا توجد خارج ذاته أیّة صفة کمال، فکلّ ما یوجد مجموع فی ذاته، وعندما نرى أنّ صفاتنا حادثة أو أنّها غیر ذاتها فإنّ السبب هو أنّنا موجودات محدودة، ولهذه المحدودیة تکون الأوصاف والکمالات خارج ذواتنا وهی ممّا نکتسبها أحیاناً، أمّا ذات الله وهو الکمال المطلق فأی صفة یمکن تصوّرها خارج ذاته المقدّسة؟

2 ـ لو قلنا بأنّ صفاته مضافة إلى ذاته أو إعتقدنا بأنّ صفاته کالعلم والقدرة منفصلة عنه فإنّ النتیجة هی الترکیب (ترکیب من الجوهر والعرض بل عوارض متعدّدة) فی حین ثبت مسبقاً أنّه لا سبیل لأی ترکیب فی ذاته خارجیاً أو عقلیّاً.

وقد أشار أمیر المؤمنین (علیه السلام) إلى هذا المضمون فی الخطبة الاُولى من نهج البلاغة بعبارة جمیلة جدّاً فی باب توحید الصفات:

«وکمال الإخلاص له نفی الصفات عنه، لشهادة کلّ صفة أنّها غیر الموصوف، وشهادة کلّ موصوف أنّه غیر الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله».

 

تمهید2 ـ مفهوم توحید الصفات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma