إلهنا نطیع أمرک وحدک

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
عبادة القادة والعلماءشرح المفردات

إنَّ آیة البحث الاُولى وإن جاءت بعد تحریم الخمر والقمار والأنصاب والأزلام إلاّ أنّ محتواها لا یخفى کونه حکماً عامّاً حیث تقول: ( وَأَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُو)، وتضیف لدى تأکیدها على هذا الأمر: ( فَإِنْ تَوَلَّیتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ المُبِینُ)(1).

ومن الواضح أنّ طاعة الرسول رشحة من رشحات طاعة الله تعالى وطاعته طاعة الله، لأنّه لا یبیّن سوى کلام الله وأمره، ولعلّ تکرار جملة (أطیعوا) إشارة إلى هذا المعنى، أی أنّ الطاعة الاُولى لها جانب ذاتی وأصلی والثانیة لها جانب عرضی وفرعی.

والآیة الثانیة تعکس هذا المضمون من خلال توجیه خطاب للنبی(صلى الله علیه وآله): (قُلْ أَطِیعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لاَ یُحِبُّ الکَافِرِینَ ) ذیل الآیة یشهد جیّداً بأنّ التمرّد یستوجب الکفر، التمرّد الحادث عناداً وعداءً لأمر الله تعالى والنبی (صلى الله علیه وآله)، أو نتوسّع فی معنى الکفر حتّى یشمل کلّ معصیة.

على أیّة حال فإنّ الآیة تؤکّد على وجوب طاعة الله ونبیّه أی اتّباع الکتاب والسنّة.

النبی (صلى الله علیه وآله) فی هذه الآیة وإن کان معطوفاً على الله تعالى بدون واسطة ولکن بملاحظة الآیة السابقة التی تقول: (قُلْ إِنْ کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِى)، یتّضح أنّ طاعة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)هی فرع لطاعة الله تعالى.

وهذه الآیة تدلّ بوضوح على أنّ علامة الحبّ الحقیقی لله ورسوله هی طاعتهما واتّباعهما وإلاّ کان حبّاً کاذباً أو ضعیفاً جدّاً.

الآیة الثالثة تضیف طاعة اُولی الأمر إلى طاعة الله ورسوله وتأمر: ( یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ واُولِى الأَمرِ مِنْکُم فَإِنْ تَنَازَعتُمْ فِى شَىء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ کُنْتُم تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالیَوْمِ الآخِرِ ).

وهذا التعبیر یدلّ بوضوح على أنّ الطاعة مختصّة فی الله ثمّ رسوله واُولی الأمر، ولحلّ أی نزاع لابدّ من الإستعانة بهم، وبدون ذلک فإنّ قواعد الإیمان بالمبدأ والمعاد ستتزعزع فی قلب الإنسان وروحه.

الآیة الرابعة تتحدّث عن طاعة الله فقط حیث تقول: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِیعُوا )، فهی تأمر بالتقوى أوّلا وتجنّب المعاصی لأنّ (التحلیة) والتطهیر یتقدّمان على (التخلیة)، ثمّ تأمرنا ثانیاً بالإستماع لأمر الله استماعاً یکون مقدّمة للطاعة، وتأمر أخیراً بإطاعة أمره دون قید أو شرط، وهذه الطاعة المطلقة مختصّة فی الله عزّ وجلّ، وما یظنّه البعض من أنّ عبارة: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )نسخت الآیة (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)(آل عمران / 102) خطأ کبیر لأنّ الآیتین تتحدّثان عن حقیقة واحدة، لأنّ حقّ التقوى لیس سوى أن یکون الإنسان متّقیاً قدر ما یستطیع.

الآیة الخامسة التی جاءت على لسان الکثیر من الأنبیاء(علیهم السلام) تأمر أوّلا بالتقوى ثمّ طاعة الأنبیاء وتقول: (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِیعُونِ ) وقد نقلت هذه العبارة نفسها عن لسان نوح وهود وصالح ولوط وشعیب والسیّد المسیح(علیهم السلام) فی القرآن الکریم (مرّة واحدة على لسان نوح (الشعراء / 108) ومرّتین على لسان هود (الشعراء / 126 و 131) ومرّتین على لسان صالح (الشعراء / 144، 155) ومرّة على لسان لوط (الشعراء / 163) وشعیب (الشعراء / 179) ومرّتین على لسان المسیح (آل عمران / 50 والزخرف / 63) ومن المسلّم به هنا هو أنّ الطاعة ترتبط بالدرجة الاُولى بمبدأ التوحید وترک الوثنیة ثمّ سائر التعالیم الدینیة، ومثل هذه الطاعة هی طاعة لأمر الله لأنّهم لم یتحدّثوا إلاّ عنه تعالى.

فی الآیة السادسة حدیث عن متابعة الأحکام الإلهیّة، وهی تعبیر آخر عن الطاعة إضافةً إلى تصریح الآیة بعدم اتّباع غیره، وهذا النفی والإثبات یوضّحان (توحید الطاعة) وتقول: ( اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَیکُمْ مِّنْ رَبِّکُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَولِیاءَ)، هذه الآیة تبطل طاعة الغیر أیّاً کان وفی أیّة حال إلاّ أن ترجع طاعته إلى طاعة أمر الله عزّوجلّ.

وهذه الآیة وأمثالها تشهد جیّداً أنّ أحکام البشر وآراءهم مهما کانت فهی لیست أهلا للإتّباع (لامتلائها بالأخطاء إضافةً إلى عدم وجود دلیل على وجوب طاعة الآخرین).

الآیة السابعة وبعد التصریح بعدم امتلاک أی رجل مؤمن أو امرأة مؤمنة أی خیار أمام أمر الله ورسوله تقول: (وَمَنْ یَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلا مُّبِین).

إنّ الآیة تُبیّن فی أوّلها وآخرها توحید الطاعة وتعتبره علامة الإیمان ومعارضته تکون (ضلالا مبیناً) وأی ضلال هو أوضح من أن یترک الإنسان أمر الله العالم الحکیم والرحمن والرحیم ویتوجّه لطاعة الآخرین؟!

الآیة الثامنة تخاطب المؤمنین، وقد ذکرت شؤون مختلفة فی نزولها وکلّها تشهد على أنّ بعض الأشخاص یتقدّمون أحیاناً على الله ورسوله بالإقتراحات ویقولون: لو أصدر الأمر الفلانی لکان أفضل، فنزلت الآیة تنذرهم بقولها: (یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَىِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ).

ومن المسلّم به أنّ الله لا مکان له حتّى یقول: لا تتقدّموا علیه، بل أنّ ذلک کنایة عن عدم التقدّم علیه فی أی عمل أو کلام(2).

على أیّة حال فإنّ الآیة لا تعتبر طاعة الأمر الإلهی واجباً فحسب، بل تقول: کونوا بانتظار أوامره فی کلّ عمل، وبعد إصدار الأمر لا ینبغی علیکم التقدّم علیه أو التریَّث فی امتثاله فالمسرعون والمبطئون مخطئون.

وقد جاء فی تفسیر المراغی القول عن بعض علماء الأدب العربی: إنّ مفهوم التعبیر (لا تقدّم بین یدی الإمام) هو: لا تعجّل علیه فی أداء الأعمال.


1. جزاء الشرط فی الآیة محذوف یقدّر بـ (قامت الحجّة علیکم) أو (استحققتم العقاب) أو (لم تضرّوا بتولیکم الرسول) (تفاسیر مجمع البیان; الکبیر; روح المعانی والمراغی فی ذیل آیة مورد البحث).
2. المراد من ( تقدّمو) هنا هل هو بمعنى لا تتقدّموا أم لا؟ وقع کلام بین المفسّرین (الأوّل من باب التفعیل والثانی من باب التفعّل) ولکن جملة (بین یدی الله ورسوله) فی الحالة الاُولى یکون معناها عدم التقدّم على الله ورسوله، وفی الحالة الثانیة یکون مفهومها هو لا تقدّموا شیئاً على الله ورسوله وأوامرهما والمعنى الأوّل هو الأنسب.

 

عبادة القادة والعلماءشرح المفردات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma