إنّ النظام المذهل الموجود فی هذا الکون ، والقوانین الدقیقة التی تُسیِّر جمیع ذرات الوجود ، ابتداءً من الذرّة وانتهاءً بالمنظومات والکواکب السیّارة ، وابتداءً من الموجودات المجهریة وانتهاء بالإنسان الذی هو أرقى نموذج فی الخلق ، ومن الأعشاب الاحادیة الخلیة التی تعیش فی أعماق المحیطات ، وحتى الأشجار العظیمة التی یبلغ طولها خمسین متراً !
وهکذا النظم المعقدة العجیبة التی تسیطر على روح الإنسان وقلبه ، والتنوع المذهل الملحوظ فی الکائنات الحیة، من النباتات والحیوانات ، والذی تبلغ أنواعها مئات الآلاف ، فهذه جمیعاً تدل على علم الله اللامحدود .
فهل یمکن أن یصنع أحد شیئا ویجهل أسراره؟
فخالق العین ونظام المخ المعقد ، والمدارات الألکترونیة العجیبة التی تدور حول نواة الذرّة ، فهو عالم ومحیط بها جمیعاً.
وعلیه فکما یدلنا برهان النظم على وجود الله فإنّه یثبت عدم محدودیة علمه أیض .
ونظراً إلى أنّ مسألة الخلق أمرٌ مستمر ودائمی فإنّ الموجودات فی حال «الصیرورة» المستمرة لا «الإیجاد» الأول فحسب ، وأنّ ارتباطهم مع منشی الخلق لا یمکن أن یکون فی البدایة فقط ، بل هو مستمر مع استمرار حیاتهم ووجودهم ، فسوف تثبت إحاطته العلمیة بجمیع الأشیاء وفی کل حال ومکان وزمان أیض .