إنّ تقسیم الموجودات إلى قِسمین ، موجودات حیّة وموجودات میّتة ، تقسیم یفهمه کُلّ واحد من الناس مهما کان مستواه من الفهم والشعور ، لأنّه یرى بعینیه التفاوت الموجود بین الموجودات الحیة والمیتة، ومع ذلک فقد عجز أذکى العلماء عن الإجابة عن هذا السؤال : ما هی حقیقة الحیاة؟ فهم یقرّون أنّ الحیاة ظاهرة معقدة جدّاً وذات أسرار لم یتوصل العلم والعقل البشری إلى أعماقها لحد الآن !
لذا یُعَدُّ خلق موجود حی ( وحتى خلیة واحدة بسیطة لها أبسط صور الحیاة ) عملا شاقّاً ومعقّداً جدّاً بالنسبة للإنسان ، وقد طالع العلماء سنوات عدیدة فی هذا المجال ولا یزالون عاجزین عن القیام بذلک ، وعلى فرض أنّهم سیستطیعون یوماً ما وبإلاستعانة بوسائل وطرق طبیعیة مختلفة خلق خلیة حیّة من مواد طبیعیّة میتة فسیواجهون العجز أیضاً فی إدراک تنوع الحیاة وکیفیة ظهور الصور المختلفة له .
ویُمکن القول باختصار : إنّ مُظهِر الحیاة بصورها المختلفة ذو علم لا محدود وقدرة مطلقة ، ویُعَدُّ ظهور أنواع الکائنات الحیّة أوضح دلیل على علم الله عزّ وجلّ وقدرته العظیمة .
وکما تقدم فإنّ الحیاة لها عدّة أقسام ، ابتداءً من حیاة النبات وحتى حیاة الإنسان فصاعد ، وهذه الحیاة المتنوعة لها آثار مختلفة أیض .
وعندما یصل العلماء إلى حیاة الإنسان یقولون : هی الحالة المقرونة بالعلم والشعور والقدرة والفعالیّة .
ومن الواضح إنّ علمنا وقدرتنا لا تمثل حقیقة الحیاة ، بل هی من مستلزماته ، لذا قد یکون الإنسان حیاً من دون علم وقدرة .
ومن المسَّلم أنّ حیاة الإنسان والتی هی من عوارض الجسم ، لا یمکن تصورها للباری جل وعل .
والتصور المقبول عن حیاة الباری تعالى هو العلم اللا محدود وقدرته على کل شیء ، وبهما یمکن إثبات أعلى مفهوم للحیاة له عزّ وجلّ .