4 ـ لماذا نرفع أیدینا إلى السماء أثناء الدعاء ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
5 ـ نفی المکانیة عن الله فی الروایات الإسلامیة3 ـ معنى حضور الله تعالى فی کُلّ مکان!

غالباً ما یُطرح هذا السؤال من قبل عامّة النّاس وهو : إذا لم یکن لله تعالى مکانٌ معیّنٌ فلماذا ننظر إلى السماء أثناء الدعاء ؟ ونرفع أیدینا نحو السماء ؟ فهل هو سبحانه موجودٌ فی السماء «والعیاذ بالله» ؟

وقد طُرح هذا السؤال فی زمان الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) أیض ، فقد روى «هشام بن الحکم» أنّ زندیقاً دخل على الإمام الصادق (علیه السلام) وسأله عن آیة (الرحمن على العرش استوى) .

فأجابه الإمام(علیه السلام) موضحّ : «.... ونفینا أن یکون العرش أو الکرسی حاویاً له ، وأن یکون عزّ وجلّ محتاجاً إلى شیء مما خلق ، بل خلقه محتاجون إلیه » .

فقال السائل : إذن ، لا فرق فی أن ترفعوا أیدیکم أثناء الدعاء إلى السماء أو تنزلوها إلى الأرض !

فقال الإمام(علیه السلام): « ذلک فی علمه واحاطته وقدرته سواء ، ولکنه عزَّ وجلّ أمر أولیاءه وعباده برفع أیدیهم إلى السماء نحو العرش ، لأنّه جعله معدن الرزق ، فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول (صلى الله علیه وآله) حیث قال : ارفعوا أیدیکم إلى الله عزّ وجلّ ، وهذا یجمع علیه فرق الأمة کله »(1) .

ورد فی الخصال عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) ، فی حدیث آخر أنّه قال: «إذا فرغ أحدکم من الصلوة فلیرفع یدیه إلى السماء، ولینصبّ فی الدعاء. فقال ابن سب : یاأمیر المؤمنین ألیس الله عز وجلّ فی کل مکان ؟ قال : بلى ، قال : فلم یرفع یدیه إلى السماء ؟ فقال : أو ما تقر : (وفی السماء رزقکم وما توعدون) فمن أین تطلب الرزق إلاّ من موضع الرزق وما وعد الله عزّ وجلّ فی السماء»(2) .

وطبقاً لما جاء فی هذه الروایات فإنّ أغلب أرزاق الناس تنزل من السماء ، ( فالمطر الذی یُحیی الأرض المیتة ینزلُ من السماء ، ونور الشمس الذی یُعَدُّ منبعاً للحیاة ، یشعُ من السماء، والهواء الذی یُعد العامل المهم الثالث للحیاة ، موجود فی السماء ، فإنّ السماء عُرفَتْ کمعدن للبرکات والأرزاق الإلهیّة ، وتُرفَعُ الأیدی نحوها عند الدعاء طلباً ورجاءً من خالق ومالک کل تلک الأرزاق فی حل المعضلات .

ویُستنتج من بعض الأخبار أیضاً أنّ هذا المفهوم لاینحصر بالمسلمین فقط، بل کان موجوداً فی بقیة الأُمم کذلک، کما نقل المرحوم (الفیض الکاشانی) فی کتاب المحجّة البیضاء عن (مالک بن دینار) أنّه قال : أصاب الناس من بنی اسرائیل قحط ، فخرجوا مراراً فأوحى الله تعالى إلى نبیّهم أن أخبرهم: «إنّما تخرجون إلیَّ بأبدان نجسه، وترفعون إلیَّ اکفّاً قد سفکتم بها الدماء ، وملأتم بطونکم من الحرام الآن قد اشتد غضبی علیکم ولن تزدادوا منّی إلاّ بعداً»(3) .

ویستنتج من بعض الروایات وجود فلسفة اُخرى لهذا العمل وهو إظهار الخضوع والتذَلُّل للباری ، لأنّ الإنسان یرفع یدیه حینما یظهر خضوعه واستسلامه لشخص أو شیء معین .

وفی حدیث للإمام الباقر(علیه السلام) فی تفسیر آیة (فما استکانوا لربّهم وما یتضرّعون) . فقال(علیه السلام) : «الاستکانة هو الخضوع ، والتضرع هو رفع الیدین والتضرع بهما» (4) .


1. بحار الأنوار، ج3 ، ص 330 ; توحید الصدوق، ج 1، ص 248 ، الباب 36 .
2. بحار الأنوار، ج90 ، ص 308 ، ح 7، وقد ورد الحدیثان السابقان فی تفسیر نور الثقلین، ج 5 ، ص 124 ـ 125 .
3. المحجة البیضاء، ج 2 ، ص 298 .
4. أصول الکافی، ج2 ، ص479 (باب الرغبة والرجعة) ح2 .  

 

5 ـ نفی المکانیة عن الله فی الروایات الإسلامیة3 ـ معنى حضور الله تعالى فی کُلّ مکان!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma