شرح المفردات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
جمع الآیات وتفسیرهاتمهید

إشتقتْ کلمة «صادق» من مادّة «صدق»، وکما قال الراغب: إنّها ضدّ الکذب، وبالأصل من أوصاف الکلام والأخبار، فأحیاناً صادقة وأحیاناً کاذبة، وأحیاناً تُستعمل عرضاً فی الإستفهام والأمر والدعاء أیضاً، کأنّ یقول أحد: (أَفُلان فی الدار) أی إنّه یقصد بأنّه لا یدری بوجود فلان فی الدار أو عدم وجوده، (لذا فقد نقول أحیاناً: إنّه یکذب، فهو یعلم بوجود فلان فی الدار).

وَحقیقة الصدق هی تطابُق الحدیث مع الأعتقاد والواقع، لذا فلو تحدّث أحد طبق الواقع ولکن خلاف ما یعتَقِدُ به فهو کاذب، کقول المنافقین لرسول الله(صلى الله علیه وآله): (نَشْهَدُ إِنَّکَ لَرَسُولُ اللهِ)، فقال تعالى ردّاً علیهم: (وَاللهُ یَشهَدُ إِنَّ المُنَافِقِینَ لَکَاذِبُونَ). (المنافقون / 1)

وقد یُستعمل الکذب والصدق فی مورد الأفعال والأعمال أیضاً، فمن یؤدّی أعماله وفق وظیفته الواجبة یُدعى صادقاً، وإذا عمل على خلافها یُدعى کاذباً، فمثلا یُقال لِمَن یؤدّی حق الحرب والقتال: (صدق فی القتال) وإن لم یفعل یُقال (کذب فی القتال)، وآیة: (لَقَد صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیَا بِالحَقِّ)، التی نزلت بشأن تحقق رؤیا الرسول(صلى الله علیه وآله) بخصوص فتح مکة ودخول المسلمین المسجد الحرام منتصرین، نموذج على هذا المطلب(1).

و کلمة «صدقة» التی تُستعمل بخصوص الأموال التی یبذلها الإنسان فی سبیل الله بقصد القربة، إنّما سُمیت بهذا الاسم لأنّ الإنسان یُصدّق بواسطتها إخلاصه بعمله، وکذلک تسمیة المهر «صداق» لأنّه دلیل عملیٌّ على صدق الزوج إزاء زوجته.

ولکن ما قاله الراغب حول عناصر الصدق الأساسیّة، ووجوب مطابقة الکلام للواقع، واعتقاد المتکلّم، محل اختلاف شدید بین العلماء، فاعتقد البعض منهم کفایة تطابُقه مع المُعتَقد فقط، واشترط البعض الآخر تطابُقه مع الواقع فقط، ولا محل هنا لشرح ذلک.

هذا فی حین اعتقد (ابن فارس) فی (مقاییس اللغة» بأنّ أصل «الصدق) هو القوّة الموجودة فی شیء وإنّما سُمی الکلام المطابق للواقع صدقاً بسبب قوّته، لذا یُسمّى الرمح القوی (رُمح صَدق)، ومهر المرأة (صداق) لأنّه حق مفروض وذو قوّة.

ولکننا نعتقد بأنّ ما ورد فی مفردات الراغب حول أصل هذه الکلمة أصَحّ.

و لسائر أرباب اللغة نفس هذا الرأی أیضاً، ویُنقلُ فی (شرح القاموس) عن (الخلیل) أنّه قال: (الصدق) معناه: الکمال من کل شیء، وأضاف قائلا: إنّ إطلاق (صَدق) على الأشیاء المستویة القویّة (کالرمح القوی) ینشأ من معنى الجَودة والقوّة (الصلابة)، أی مایُقال بخصوص صلابته وجودته یُطابق الحقیقة، وإذا کان الــ (صدق) یعنی الصلابة والقوّة لأُطلق على کل شیء قوی (صدق)، فی حین أنّه لیس کذلک.

«صدّیق»: معناه کثیر الصدق أو من لا یکذب أبداً أو استحالة صدور الکذب منه لأنّه اعتاد على الصدق، أو مَن یصدق فی کُلٍّ من الإعتقاد والقول والعمل، (کل هذا لکون کلمة صدّیق من صیغ المبالغة والتی یُمکن أن تکون فی إحدى الأمور المختلفة المذکورة أعلاه).

ویُستعمل تعبیر «لسان صدق» بخصوص الشخص الصالح من جمیع النواحی، وإن مُدِحَ وأُثنیَ علیه فهو عین الواقع.

وعلى أیّة حال، فإنَّ وصف الباری بالصادق ینشأ من جهات متعددة: من جهة صدقه فی أخباره، وفی وعوده بإثابة المحسنین ومعاقبة المسیئین.

ومن جهة تنفیذه لجمیع ما صرّح به فی القرآن الکریم، وسیأتی شرحه فی تفسیر آیات البحث.


1. المفردات، مادة (صدق)، باختصار.

 

جمع الآیات وتفسیرهاتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma