2 ـ المشاکل هی من صنع الإنسان!

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
القرآن والمصائب الذاتیة الصنع1 ـ فلسفة التفاوت

یُصاب الإنسان فی حیاته بمصائب کثیرة هی بالواقع من صنعه هو، ولکن الکثیر من الأفراد ولأجل تبرئة أنفسهم، والتغاضی عن تقصیرهم، واهمالهم اللذین ینتج عنهما حدوث المشاکل، نراهم یحتسبونها على قضاء الله وقدره، ویوجهون التقصیر إلى المشیئة الإلهیّة، وبعدها یشکّکون فی عدالة الله أحیاناً، فی حین أنّنا لو دقّقنا جیّداً لوجدنا أنّ الکثیر من الحوادث الألیمة، والفشل، والمصائب التی یعانی منها الناس، هی بما کسبت أیدیهم، وأنّ الفرد أو المجتمع هو العامل الأصلی والمقصّر الحقیقی فیها، مع أنّهم یُبرّئون أنفسهم ظاهریاً.

والمصائب التی تصیب الناس بسبب تعسّف الحکومات الظالمة والمستبدة، هی من هذا القبیل عادةً، لأنّ الظلمة والجبابرة افرادٌ معدودون، وسکوت الناس حیال جرائمهم البشعة وتعاون بعض الناس معهم هو السبب الذی یکسبهم القدرة والقوّة للتسلُّط على رقاب الناس، وخلق المشاکل الکثیرة لهم.

والکثیر من الأمراض مَنشأُها هوى النفس، والکثیر من الاحباط وحالات الفشل تنبع من ترک المطالعة والإستشارة المطلوبة، وعاملها الأساسی أنانیة واستبداد الإنسان برأیه.

وسبب الکثیر من حالات الفشل التقاعس وترک الجهاد والسعی.

وکانت الفوضى دائماً سبب الفاقة والاختلاف، والفرقة سبب المصیبة والبلاء.

والعجب هو أنّ کثیراً من الناس نَسُوا علاقة العلّة بالمعلول واحتسبوا جمیع الأمور على الخالق!

علاوةً على هذا فإنّ من المصائب التی تلاحظ فی المجتمعات البشریّة ناتجة من ظلمهم لبعضهم، أو ظلم جماعة لجماعة اُخرى، فمثلا إذا سمعنا بأنّ هنالک خمسین ملیون انسان تقریباً فی عصرنا الحاضر یموتون جوعاً، أو بإصابة أکثر من هذا العدد بأنواع الأمراض بسبب سوء التغذیة، فإنّه لا یعنی بأنّ سببه هو أنّ الله قد حرمهم من لطفه، بل سببه هو سوء استغلال جماعة اُخرى من أبناء الدنیا للحریة الإلهیّة، وقیامهم بغصب حقوق الآخرین. فصار استعمار واستثمار هذه الجماعة.

إنّ الأمراض والموت الناشیء من الجوع، یحصل فی الوقت الذی تلقی الکثیر من الدول الثریّة ـ الغافلة عن ذکر الله ـ کثیراً من المواد الغذائیّة فی البحر، أو یلقونها فی المزابل، ویُعانون من أنواع الأمراض الناشئة من الإفراط فی الشبع.

وکذا إذا رأینا أنّ أطفالا یُعانون من أمراض أو نقص أعضاء معینة بسبب ذنوب آبائهم وأمهاتهم الذین أسرفوا فی تناول المشروبات الکحولیة أو سوء التغذیة وما شاکل ذلک، فهو ظُلمٌ صادرٌ من آباء أو أمهات هؤلاء الأطفال أو مسؤولی مجتمعهم بحقّهم، وبالضبط کأن یأخُذ أبٌ خنجراً ویفقأ به عین طفله الرضیع، أو کذبح الأطفال من قبل الجبابرة کفرعون مثلا.

حینئذ لا یُمکن احتساب أی عمل من هذه الأعمال على فعل الله، بل جمیعها ممّا کسبت ید الإنسان ذاته، والتی أعدّها الإنسان لنفسه أو للآخرین.

 

القرآن والمصائب الذاتیة الصنع1 ـ فلسفة التفاوت
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma