42 ـ یوم تشخصُ فیه الأبصار

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
43 ـ یوم یتذکَّرُ الإنسان ما سعى40 ـ یوم تجدُ کُلُّ نفس ما عَمِلَت من خیر مُحضراً وما عملت من سوء

التعبیران المذکوران فی الآیتین أعلاه واللذان یجمعهما شبه کبیر یرفعان الستار عن أسرار اُخرى من أسرار ذلک الیوم العظیم، ویحملان لجمیع الناس نداءات جدیدة.

ففی الآیة الاُولى قال تعالى:(یَخَافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ والاَْبْصَارُ). (النور/37)

وفی الآیة الثانیة قال تعالى:(إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمْ لِیَوْم تَشْخَصُ فِیهِ الاَْبْصَارُ). (إبراهیم /42)

حلبة المحشر رهیبة من عدة جوانب: من جانب ما یستجد فیها من الوقائع الرهیبة التی تقع عند قیام القیامة، ومن جانب استعداد الملائکة مع حضور الاشهاد لمحاسبة العباد، ومن جانب نشر الصحف التی تحتوی على سائر أعمال الإنسان التی ارتکبها خلال حیاته صغیرها وکبیرها، ومن جانب اتضاح ملامح النار والعذاب الإلهی واستحالة العودة لإصلاح مافات وعدم وجود خلیل ومنقذ!

إنّ هذه الوقائع والتی یکفی کل واحد منها بوحده لقلب افئدة الناس، تقع جمیعها فی وقت واحد، تجعل الإنسان فی حصار شدید ممّا یؤدّی به إلى أن یقلّب عینیه فی کل جانب بدون إرادة ویتلفت إلى کل جانب باضطراب یطلب العون، وعلى حد تعبیر القرآن أنّها تقلب الأبصار وأحیاناً تقف عن الحرکة نهائیاً وتبقى الأجفان مفتوحة وکأن روح الإنسان فارقت جسده!

ومن الجدیر بالذکر أنّ الآیة الاُولى تختص بالمؤمنین والآیة الثانیة بالظالمین، وهذا یدل بوضوح على أنّ الجمیع من المحسنین والمسیئین سوف یستولی علیهم الرعب فی ذلک الیوم المفزع، وذلک (لجهل الناس بعواقب أعمالهم بسبب الدقة والشدة فی الحساب الإلهی فلا أحد یعلم بالضبط إلى این ینتهی مصیره.

«تتقلب»: بمعنى انقلاب الشیء رأساً على عقب وبمعنى التحوّل، وللمفسرین تعابیر مختلفة فی تفسیر هذه الجملة تشیر جمیعها إلى الخوف والاضطراب الشدید الذی یهیمن على ظاهر وباطن الإنسان وعلى بصره وبصیرته.

«تَشْخَصُ»: من مادة «شخوص» بمعنى توقف العین والأجفان عن الحرکة والترکیز بالنظر على نقطة دون التفات.

والأصل فی «شخوص» على وزن (خلوص) هو بمعنى القیام أو الخروج، و«الشخص» من حیث إنّه یبدو من بعید على هیئة بارزة اطلق علیه کلمة شخص، وخروج الإنسان من محل آخر یطلق علیه الشخوص أیضاً.

و«شاخص»: المشتق من نفس هذه المادة أیضاً بمعنى الجسم المرتفع الذی یستخدم لقیاس الوقت وأمثال ذلک(1).

وبما أنّ عین الإنسان حین التعجب والتحدیق کأنّها ترید أن تخرج من حدقتها فقد استعمل هذا التعبیر فی عدة موارد، بلى إنّ الناس فی عرصة المحشر یصبحون أُسارى الخوف بنحو یجعل عیونهم تتوقف عن الحرکة وتشخص وکأنّها ترید أن تخرج من حدقتها، وهذه الحالة تظهر لدى الإنسان أحیاناً فی حال الاحتضار.

ومن البـدیهی أن تکون هذه الحالات أشد بکثیر عند المذنبین والمجرمین، ولذا جاء فی القرآن المجید: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِینَ کَفَرُوا). (الأنبیاء/97)


1. مفردات الراغب; ومقاییس اللغة; والمصباح; والتحقیق فی کلمات القرآن الکریم.

 

43 ـ یوم یتذکَّرُ الإنسان ما سعى40 ـ یوم تجدُ کُلُّ نفس ما عَمِلَت من خیر مُحضراً وما عملت من سوء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma