إنّنا نعلم بأنّ «العدل» أحد صفات الباری تعالى، تلک العدالة التی یدل علیها کل جزء من أجزاء عالم الوجود کالسماء والأرض، ووجود الإنسان وضربات قلبه وجریان دمه فی عروقه... إلخ، وذلک لأنّه: «بِالعَدْلِ قَامَتِ السَّمواتُ وَاْلاَرْضُ»(1).
فهل یمکن أن یُستثنى الإنسان من هذا العالم الواسع؟ ولا تشمله العدالة المهیمنة على هذا العالم؟
ومن ناحیة اُخرى: إنّ التأریخ البشری والأحداث المعاصرة أثبتت بوضوح أنّ إحقاق حق المظلومین ومعاقبة الظالمین لا یتمّ بصورة کاملة فی هذا العالم ولیس بالإمکان حتّى مشاهدة ذلک إلا بنحو «القضیة الجزئیة» إذن بمقتضى العدالة الحاکمة على هذا العالم والتی تعتبر جزءاً من عدالة الله تعالى یجب أن یکون هناک یوم لمحاسبة أعمال جمیع البشر بدّقة متناهیة ومن دون أی استثناء، وذلک الیوم هو الذی نطلق علیه اسم (القیامة).
بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن المجید لنتأمل خاشعین فی الآیات الشریفة التالیة:
1 ـ (اَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمیْنَ کَالُْمجْرِمِیْنَ * مَالَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ). (القلم / 35 ـ 36)
2 ـ (اَمْ نَجْعَلُ الَّذِیْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ کَالْمُفْسِدیِنَ فِی الاَرْضِ اَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِیْنَ کَالْفُجَّارِ). (ص / 28)
3 ـ (اَمْ حَسِبَ الَّذِیْنَ اجْتَرَحُوا السَّیّئَاتِ اَنْ نَّجْعَلَهُمْ کَالَّذِیْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْیَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا یَحْکُمُونَ * وَخَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ بِاْلحَقِّ وَلِتُجزَى کُلُّ نَفْس بِمَا کَسَبَتْ وَهُمْ لاَیُظْلَمُونَ)(2). (الجاثیة / 21 ـ 22)