نِعَم الجنّة المادیة دلیلٌ على تحقق المعاد الجسمانی

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
المجموعة السابعةالمجموعة السادسة

کما لاحَظْتمُ فإنّ سورة الرحمن لوحدها والتی تعتبر من قصار السور تقریباً قد احتوت على اثنی عشر نوعاً من نعم الجنّة المادیة على الأقل، وهذه الأنواع هی: بساتین الجنّة والأشجار المثمرة المتنوعة والفواکة المختلفة التی تدنو من أهل الجنّة لیسهل قطفها، وفرش الجنّة المصنوعة من قماش ناعم وجمیل والزوجات الباکرات اللواتی یشبهن الیاقوت والمرجان لشدّة جمالهن والعیون الجاریة والحور المستورات فی خیام الجنّة والأرائک المزینّة بأنواع الأقمشة الجمیلة التی یتکئ علیها أهل الجنّة وما شابه هذه النعم.

وقد ورد فی القرآن ذکر نماذج اُخرى أیضاً فی سور اُخرى کثیرة جدّاً کأنّهار الجنّة التی تحتوی على أشربة مختلفة والأوانی المختلفة التی یستخدمها أهل الجنّة وغرف الجنّة وأرائکها التی یتکئون علیها متقابلین یتسامرون.

فقد ورد ذکر هذه النعم المادیّة فی الآیات بصورة متتالیة أحیاناً وهذا النحو من ذکر الآیات لا یُبقی أی مجال للشک والتردد فی أنّها نعم مادیّة فلنتأمل بالإضافة إلى ماسبق فی عدّة آیات قصیرة وجمیلة من سورة «الغاشیة»:

(وُجُوهٌ یَوْمِئِذ نَّاعِمَةٌ).(الغاشیة / 8)

(فِى جَنَّة عَالِیَة).(الغاشیة / 10)

(فِیْهَا عَیْنٌ جَارِیَةٌ).(الغاشیة / 12)

(فِیْهَا سُرُرٌ مَّرْفُوْعَةٌ).(الغاشیة / 13)

(وَاَکْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ).(الغاشیة / 14)

(وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ).(الغاشیة / 15)

(وَزَرابِىُّ مَبْثُوتَةٌ).(الغاشیة / 16)

ففی هذه السورة التی بلغ عدد آیاتها ستاً وعشرین آیة قد اختصت سبع آیات منها بالمعاد الجسمانی ونعم الجنّة المختلفة، فإذا أردنا احصاء جمیع آیات القرآن التی اختصت بهذا المبحث فإننا بهذا تحصل على عدد کبیر من هذه الآیات.

ومن الضروری هنا أیضاً أنْ نوضّح أمرین:

1 ـ إنّ نِعَم الجنّة لا تقتصر على النعم المادیّة فحسب، بل تحتوی على نعم روحیة ومعنویة کثیرة أیضاً ـ سوف نتطرق لبحثها باذن الله فی محلها المناسب ـ، ولکن هل من الممکن أساساً أن یوفِّر الله تعالى جمیع هذه النعم المادیة لتنعّم الجسم بها من دون أن یوفّر النعم والمواهب الملائمة للروح التی تعتبر الجزء الرئیسی فی وجود الإنسان والتی هی أرقى وافضل من الجسم من جمیع النواحی؟ کلاّ طبعاً، لکنّ عدم ذکر هذه النعم هو لسبب قصور الألفاظ عن بیانها وشرحها ولعدم امکان درکها إلاّ عن طریق الوصول إلیها، من أجل هذا لم یأت شرحها فی القرآن المجید، ولکن رغم ذلک فقد وردت عدّة تعابیر غامضة ومختصرة وجذّابة فی هذا المجال لبیان عمق وعظمة هذه النعم، وسوف نتحدث عنها بالتفصیل فی بحث مستقل.

2 ـ إنّ البعض تجرأ فی تاویل جمیع هذه الآیات بجسارة وحملها على مفاهیم خارجة عن دلالة ظاهر ألفاظها وعدّها کنایة عن النعم المعنویة، لکنّ القواعد المعروفة فی باب الألفاظ لا تسمح لنا أبداً بأن نرتکب مثل هذا العمل، فإذا ما سمحنا لأنفسنا باستخدام هذه التأویلات فإنّه سوف لن یبقى هناک أیّ معنىً لحجیَّةِ الظواهر وسوف تخرج الألفاظ عن کونها وسیلة لنقل المفاهیم وتفقد أصالتها وأهمیّتها بالمرّة، وهذا العمل نوع من التجرّی على الله والقرآن المجید.

 

المجموعة السابعةالمجموعة السادسة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma