یوم تأتی السماء بدخان مبین

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
الفصل الثانی: العلامات التی تنذر بنهایة هذا العالمإقتربت الساعة

تشیرالآیة الثالثة إلى علامة اُخرى من علامات قرب الساعة وهی (الدخان) حیث یغطی دخان کثیف صفحة السماء فی ذلک الیوم ویأتی على شکل عذاب: (فَارْتَقِبْ یَوْمَ تَاْتِى السَّماءُ بِدُخَان مُّبِین * یَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ اَلِیمٌ ) ( الدّخان / 10 ـ 11 )

ولقد ذکر المفسرون آراء عدیدة فی تفسیر هذه الآیة نذکر ثلاثة منه :

الأول :یرى بعض المفسّرین أنّ الدخان إشارة إلى عذاب یوم القیامة وهو دخان مرعب شرّه مستطیر یظلل رؤوس المجرمین، ولکننا نرى هذا الاحتمال بعیداً لأننا نجد فی ذیل الآیة أنّ المجرمین یطلبون رفع هذا العذاب الإلهی ویظهرون الإیمان ویأتیهم الخطاب: (اِنَّا کَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِیلاً اِنَّکُمْ عَآئِدُونَ ). ( الدخان / 15 )

فلا یمکن تصوّر وقوع هذا المعنى فی یوم القیامة خاصة وأنّ الآیة التی بعدها تشیر إلى القیامة وعقوباتها بشکل مستقل، وهذا یدل على أنّ ما ذکر قبلها یتعلق بغیر یوم القیامة: (یَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْکُبْرَى اِنَّا مُنْتَقِمُونَ ). ( الدخان / 16 )

الثانی : ویرى بعض آخر أنّ الآیة تشیر إلى أنّ الکفّار بعد أن حلّت بهم المجاعة والجدب جاءوا إلى النبی یطلبون منه الدعاء لرفع هذا العذاب فدعا النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فرفع العذاب عنهم ولکنّهم عادوا إلى عتوّهم وجحودهم .

وبناءً على ذلک فإنّ الدخان هنا یراد به المعنى المجازی ; لأنّ الادب العربی یستخدم کلمة دخان کنایة عن الشر والبلاء الغالب ، کما ذکر ذلک الفخر الرازی فی تفسیره (1) .

أو قد یراد بالدخان، الأتربة والغبار الذی یغطی صفحة السماء أثناء سنوات القحط حیث لا وجود للأمطار التی تزیل هذا الغبار وهذه الأتربة (2) ، من هنا یطلق على سنة القحط بـ (السنة الغبراء) أو (عام الرماد) .

والمأخذ الذی یؤاخذ علیه هذا التفسیر هو أنّ الدخان الوارد فی الآیة الکریمة لم یستعمل بمعناه الحقیقی وقد حمل على معناه المجازی بدون أیة قرینة .

الثالث : ویرى الآخرون أنّ الآیة تشیر إلى احدى علامات قرب القیامة حیث تغطى السماء بدخان مبین فیلجأ الناس إلى لطف الله تعالى لیکشف عنهم العذاب فیرفع بکرمه ولطفه عنهم قلیلاً منه ورغم کل هذا لا یؤمن المنکرون .

إنّ هذا التفسیر إضافة إلى کونه مطابقاً لظاهر الآیة فانّه یتفق مع الأخبار المتعددة التی وردت فی مصادر تفسیر الشیعة والسنّة ، ونقرأ هنا حدیثاً عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله): عن حذیفة قال : قال رسول الله(صلى الله علیه وآله) : «أول الآیات خروج الدجال ونزول عیسى بن مریم ونار تخرج من قعر عدن أبین تسوق الناس إلى المحشر تَبیت معهم حیث باتوا وتقیل معهم إذا قالو ، وتصبح معهم إذا أصبحوا وتمسی معهم إذا أمسو ، قلت : یانبی الله وما الدخان؟ قال هذه الآیة : (فَارْتَقِبْ یَوْمَ تَأتِى السَّمَاءُ بِدُخَان مُّبِین ) یملأ ما بین المشرق والمغرب یمکث أربعین یوماً ولیلة أمّا المؤمن فیصیبه منه شبه الزکام وأمّا الکافر فیکون بمنزلة السکران یخرج الدخان من فمه ومنخره وعینیه وأذنیه ودبره» (3) .

ولقد ورد هذا المعنى فی مصادر الشیعة بشیء من الاختلاف فقد نقل الإمام علی (علیه السلام)عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) قوله: «عشرة قبل الساعة لابدّ منه : السفیانی ، والدجال ، والدخان ، والدابة ، وخروج القائم ، وطلوع الشمس من مغربه ، ونزول عیسى (علیه السلام) ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزیرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر » (4) .

وقد وردت روایات اُخرى تؤید هذا المعنى .

وبناءً على ذلک یکون التفسیر الثالث للآیة الشریفة هو التفسیر الأفضل .

هذه هی أهم (أشراط الساعة) التی ذکرها القرآن الکریم .


1. التفسیر الکبیر، ج 27، ص 242 .
2. تفسیر روح المعانی، ج 25، ص 107; و تفسیر روح البیان، ج 8، ص 406 .
3. تفسیر القرطبی، ج 16، ص 131 .
4. بحار الأنوار ، ج 52، ص 209; وفی تفسیر القرطبی ، ج 9 ، ص 595 ، وغیرها من الأحادیث تنقل نفس هذا المضمون .

 

الفصل الثانی: العلامات التی تنذر بنهایة هذا العالمإقتربت الساعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma