الآیة الثامنة التی وردت فی موضعین من سورة المطففین تشیر إلى کتاب أعمال الأبرار والفجار، وقد کشفت عن جزئیات أکثر، فقد ذکرت أولاً کتاب أعمال الفجار: (کَلاَّ إِنَّ کِتابَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجِّین * وَما أَدْراکَ مَا سِجِّینٌ * کِتابٌ مَرْقومٌ ) .
وبعد عدّة آیات من نفس السورة جاء کتاب أعمال الأبرار: (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِی عِلِّیِّین * وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ * کِتابٌ مَّرقُومٌ * یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) .
وقد ورد فی هذه الآیات کلام عن (سجین) و(علیین) التی تحفظ فیها کتب أعمال الفجار والأبرار، لذا یجب توضیح معنى هاتین الکلمتین بدقّة :
«سِجّین» : هی صیغة مبالغة مشتقة من مادة (سِجن)بمعنى السجن، ولقد ذکر المفسرون معانیَ مختلفة لهذه الکلمة مثل النّار أو موضع خاص من النّار تحفظ فیه کتب الفجار.
و نحن نقول : إنّ أصح الأقوال هو إنّ سجین کتاب جامع تجمع فیه کتب أعمال جمیع الفجار، وبتعبیر أوضح أنّ هذا الکتاب کمثل السجل العام الذی یسجل فیه حساب جمیع الدائنین والمدینین .
أمّا «علیین» فهی جمع (علی) على وزن (ملی) وهو فی الأصل مشتق من العلو، وهو إشارة إلى المکان المرتفع، ولذا یطلق هذا الاسم على الأشخاص الذین یسکنون المناطق المرتفعة من الجبال ، وحسب قول بعض المفسرین: إنّ المراد (بعلیین) أعلى أماکن الجنّة أو أعلى مکان فی السماء ، ومن خلال المقارنة بین الآراء حول سجین یتضح أنّ علیین کذلک یعنی السجل الکبیر الذی تجمع فیه کتب أعمال الأبرار والصالحین وهو سجل عالی المرتبة والمقام فی جوار الله تبارک وتعالى (1) .