ماهی حقیقة الصراط ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
الجنّةطریق الجنّة یمر عبر جهنّم

لقد أشرنا عدّة مرات إلى أنّ أهل الدنیا لیس لهم معلومات مفصلة عن الحقائق المتعلقة بیوم القیامة وعالم ما بعد الموت، حیث هو عالم فوق هذا العالم ، ولکن هذا الأمر لا یمنع من المعرفة الإجمالیة بهذا الموضوع .

ویستفاد من الروایات الإسلامیة أنّ الصراط جسر على جهنّم فی طریق الجنّة ویرده کل برّ وفاجر فالأبرار یمرون علیه بسرعة ویصلون إلى النعم الإلهیّة غیر المتناهیة أمّا الفجّار فتزل أقدامهم ویتردون فی نار جهنّم .

ولقد ورد فی بعض الروایات أنّ سرعة عبور الناس على الصراط ترتبط بمستوى إیمانهم وإخلاصهم وأعمالهم الصالحة .

فقد ورد فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال : «منهم من یمر مثل البرق ، ومنهم من یمر مثل عدو الفرس ، ومنهم من یمر حبو ، ومنهم من یمر مشی ، ومنهم من یمر متعلقاً قد تأخذ النّار منه شیئاً وتترک شیئ » (1) .

وهنا یطرح هذا السؤال :

لماذا یجب المرور عبر جهنّم للوصول إلى الجنّة ؟

هناک نکات لطیفة سنتعرض لها وهی أنّ أصحاب الجنّة عندما یمرون على جهنّم یدرکون قیمة الجنّة أفضل إدراک، ومن جهة اُخرى أنّ وضع الصراط هناک عبارة عن تجسم لأعمالنا فی هذه الدنیا، لذا یجب المرور عبر جهنّم (المحرقة للشهوات ) من أجل الوصول إلى جنة التقوى ، ومن جهة ثالثة فهو انذار جدی لکافة المجرمین والمذنبین حیث إنّ مصیرهم یؤول إلى العبور من هذا الممر الخطیر، لذا ورد فی حدیث (مفضل بن عمر) قال: سألت الإمام الصادق (علیه السلام) عن الصراط، فقال: «الطراط الطریق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى».

ثم قال : «هما صراطان : صراط فی الدنی ، وصراط فی الآخرة ، فأمّا الصراط الذی فی الدنی ، فهو الإمام المفروض الطاعة ، من عرفه فی الدنیا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذی هو جسر جهنّم فی الآخرة ، ومن لم یعرفه فی الدنیا زلت قدمه عن الصراط فی الآخرة فتردى فی نار جهنّم» (2) .

وفی تفسیر عن الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) (3) أنّه فسّر الصراطین (صراط الدنیا والآخرة) الصراط المستقیم فی الدنیا فهو ما قصر من الغلو وارتفع عن التقصیر وأمّا الصراط فی الآخرة فهو طریق المؤمنین إلى الجنّة .

وهناک نکتة مهمّة أشارت إلیها الروایات الإسلامیة ، وهی أنّه من العسیر العبور على هذا الطریق، فقد ورد حدیث عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) وکذلک عن الإمام الصادق (علیه السلام) أیضاً: «إنّ على جهنّم جسراً أدق من الشَعرة وأحد من السیف» (4) .

نعم، هکذا الصراط (المستقیم) وحقیقة (الولایة) و(العدالة) فی هذه الدنیا فهی أدق من الشعرة وأحد من السیف، وهذا یرجع إلى أنّ الخط المستقیم خط واحد دقیق لا أکثر، أمّا الخطوط الاُخرى فهی منحرفة نحو الیمین أو الشمال، ومن الطبیعی أن یکون صراط القیامة هکذا فهو تجسید عینی للصراط الدنیوی ، ومع هذا فهناک طائفة تمر على هذا الطریق الخطر سریعاً فی ظل إیمانها وأعمالها الصالحة .

و ممّا لا شک فیه أنّ التمسک بالرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) وأهل بیته الطاهرین(علیهم السلام) یسهل اجتیاز هذا الطریق المخوف ، فقد جاء فی حدیث عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله): «إذا کان یوم القیامة ونصب الصراط على جهنّم لم یجز علیه إلاّ من کان معه جواز فیه ولایة علی بن أبی طالب» (5).

ولقد ورد نفس هذا المعنى بتعبیر آخر یتعلق بـ فاطمة الزهراء(علیها السلام) ومن البدیهی أنّ ولایة الإمام علی (علیه السلام) وولایة الزهراء(علیها السلام) هما من ولایة الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله)ولا یمکن الفصل بین القرآن والإسلام وسائر الائمّة المعصومین (علیهم السلام)، فإذا لم یکن هناک ارتباط إیمانی وأخلاقی مع هؤلاء العظام فلا یمکن الجواز على الصراط، وتوجد فی هذا المجال روایات عدیدة ، وللمزید من المعلومات راجع کتاب بحار الأنوار المجلد 8 وبالأخص هذه الروایات : (12 ،13 ، 14 ،15 ،16 ،17 ) .

ونختم حدیثنا بالإشارة إلى البعد التربوی للإیمان والاعتقاد بمثل هذا الصراط حیث هو صراط مخوف مرعب متزلزل تشوبه الاخطار ، صراط أدق من الشعرة وأحد من السیف ، صراط له عدّة مواقف وفی کل موقف یُسأل فیه عن شیء فأمّا الأول فیسأل عن الصلاة وأمّا الثانی فعن الأمانة وصلة الرحم والثالث عن العدالة وما شابه ذلک ، ممر لا یمکن لأحد العبور علیه واجتیازه إلاّ إذا کان معه جواز فیه ولایة الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) وولایة الإمام علی(علیه السلام) والتخلق بأخلاقهم والسیر على نهجهم .

وفی النهایة نقول: إنّه ممر تتوقف قدرة اجتیازه على قدر نور الإیمان والعمل الصالح ، ومن لم یقدر على اجتیازه فسیقع حتماً فی نار جهنّم وسوف لن یصل إلى موضع النعم الإلهیّة المادیة والمعنویة (الجنّة) أبداً.

وممّا لا شک فیه أنّ الاهتمام بمثل هذه المفاهیم والاعتقاد بها له آثار واسعة فی أفعال الإنسان وتربیته فتحثه على التخلق بأخلاق أولیاء الله وتمنحه البصیرة فی انتخاب سبل حیاته والتمییز الدقیق بین الحق والباطل .


1. أمالی الصدوق، مجلس 33 .
2. معانی الأخبار، ص 32، ح 1 .
3. بحار الأنوار، ج8، ص 69، ح 18 .
4. میزان الحکمة، ج 5، ص 348 ووردت کلمة «الصراط» فی حدیث الإمام الصادق بدل جملة «إنَّ على جهنّم جسراً» (بحارالأنوار، ج 8، ص 64، ح 1 ).
5. بحار الأنوار، ج 8، ص 68، ح 11 .

 

الجنّةطریق الجنّة یمر عبر جهنّم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma