وممّا یضفی على الجنّة أهمیّة بالغة وقیمة معنویة کبیرة ویمیّزها تماماً عن جمیع النعم الدنیویة هو ( عدم إمکانیة فنائها أو زواله ) ، فلا قلق هناک من ذلک ولا خوف ولا وجل من انقطاعه ، فالإنسان مطمئن البال فی هذا الجانب تمام ، وهذا الشعور بالأمان یضفی على تلک النعم طعماً خاص .هذه الحقیقة یعرف معناها کل من ینال نصیباً وافراً من النعمة ثم تنتابه الهواجس الداهمة فی إمکانیة ذهابه ، فتمسی حلاوتها مرارة فی فمه .
ویتضمن القرآن الکریم آیات عدیدة فی هذا المجال وهی تذکّر دوماً بهذه الحقیقة وتزفّ البشرى للإنسان معلنة عن خلود النعم الإلهیّة ، لیهنأ بها الإنسان ویعیش فی فرح وحبور .جاء فی قوله تعالى: ( أُکُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَ ) . (الرعد / 35) ولما کان هذا البحث یرتبط ارتباطاً وثیقاً بمسألة الخلود فإننا سنتناوله بالبحث فی فصل آخر وبشکل مستقل .