الاسراف والتبذیر بالمعنى الواسع للکلمة یعتبران من الکبائر أیض ، وقد ذکرهما وأکّد علیهما القرآن الکریم بشدّة ، فقال عن الاسراف : (وَاَنَّ المُسرِفِینَ هُمْ اَصْحَابُ النَّارِ ). (المؤمن / 43)
ورغم أنّ هذا الکلام قد ورد فی سورة المؤمن على لسان مؤمن آل فرعون ، لکن القرآن أطلقه على هذا المجال .
وقال أیضاً عن التبذیر : (اِنَّ المُبَذِّرِینَ کَانُوا اِخْوَانَ الشَّیَاطِینَ ). (الاسراء / 27)
ومن الواضح أنّ مصیر الشیاطین واخوانهم لیس سوى الوقوع فی بؤرة الغضب الإلهی أی جهنّم .
و«الاسراف»: و(السَرَف) وهی على وزن «الهدف» تعنی کما یقول أهل اللغة تجاوز الحد فی أی عمل ، وإن کانت تُطلق على الأغلب على تجاوز الحد فی صرف الأموال (1) .
ولهذا یُطلق القرآن الکریم کلمة المسرفین على المشرکین والمجرمین الذین یتجاوزون الحدود الإلهیّة ، وحتّى قتل الناس الأبریاء یُعَدُّ نوعاً من الاسراف .
وکلمة «التبذیر» مشتقة من مصدر «البذر» وتعنی فی الأصل النثر، وتُطلق عادة على الحالات التی تُنثر فیها الأموال بلا هدف ، أو حین تُصرف هنا وهناک وتکون نتیجتها الاتلاف والتضییع (2) .
ولو فکّرنا فی وضع العالم الحالی والتبذیر والاسراف السائد فیه والذی لا یقتصر على المواد الغذائیة والإمکانات المادّیة فحسب ، بل ویتعداه إلى تجاوز الحدود فی کل شیء ، لوجدنا أنّه وقبل أن یستحق الآخرة ، جعل من هذه الدنیا جهنّم لاهبة یحترق فی نارها الصغیر والکبیر ولا مغیث لنداءاتهم ، حینذاک سنوقن أنّ عقوبة الاسراف والتبذیر یجب أن تکون نار جهنّم .