24 ـ تعدّی حدود الله

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
الخلاصة 23 ـ الجرائم والذنوب

وهذا أیضاً واحد من العناوین العامّة التی وعد القرآن بأنّ جزاءَها النّار: (وَمَنْ یَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَیَتَعَدَّ حُدُودَهُ یُدخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِیهَا وَلَهُ عَذابٌ مُّهِینٌ ). (النساء / 14)

إنّ المقصود من الحدود الإلهیّة قوانینه وأحکامه وتعالیمه ، وإن کان أهل اللغة قد نقلوا ثلاثة معان مختلفة لکلمة «الحد» وهی : المنع ، ونهایة کل شیء ، والشدّة (1) ، ولکن یبدو أنّها تعود بأجمعها إلى معنى «المنع» لأنّ انتهاء الشیء یمنع اختلاطه بغیره کما أنّ حدود البیت والحقل والبلد تمنع اختلاطها مع غیرها من البیوت والحقول والبلدان ، وبما أنّ مفهوم المنع یخفی بین طیّاته نوعاً من الشدّة ، فقد استخدم أحیاناً بمعناها أیض .

ولهذا اطلق على الأحکام الإلهیّة اسم «الحدود» التی تعیّن للإنسان «المناطق الممنوعة» التی لا یجوز له دخوله ، وهذا هو السبب فی تسمیة العقوبات الشرعیة بالحد لأنّها تحول دون تکراره .

وعلى أیّة حال فقد وردت عبارة «تلک حدود الله» فی عدّة مواضع من القرآن الکریم وکلها جاءت بعد تبیان سلسلة من الأحکام الإلهیّة .

وقد جاءت فی الآیة التی نحن بصدد بحثها بعد بیانها لأحکام الإرث ، وفی الآیتین (229 ، 230) من سورة البقرة والآیة الاُولى من سورة الطلاق بعد تبیان قسم من أحکام الطلاق ، وجاءت فی الآیة 187 من سورة البقرة بعد تحریم الجماع خلال الاعتکاف وبعض أحکام الصوم ، ووردت فی الآیة 4 من سورة المجادلة بعد بیان کفّارة الظهار ، ویفهم من مجموعها أنّ (حدود الله) کلمة ذات مدلول واسع یشمل کل حکم من هذا القبیل .

فنحن نعلم من جهة أنّ ارتکاب أی جرم کان لا یستدعی الخلود فی النّار وعلى هذا قد یکون القصد من الآیة أعلاه، الأشخاص الذین یتعدّون حدود الله بالطغیان والعناد والتمّرد وانکار آیات الله ، أو کل من یتجاهل هذه الحدود وینغمس فی المعاصی حتّى یذهب من هذه الدنیا من غیر أن یدخل الإیمان قلبه ، وإلاّ فنحن نعلم أنّ فریقاً من العاصین یشملهم العفو الإلهی ، وفریقاً آخر تشملهم الشفاعة، وفریقاً آخر تغفر لهم صغائر الذنوب ، وکذلک یغفر للتوابین (2) .

وقد استدلت فئة من (الوعیدیة) الذین یعتقدون بخلود مرتکب الکبیرة فی النّار بهذه الآیة وأمثاله ، إلاّ أنّ جواب ذلک واضح من خلال ماذکرناه ، وسنتطرق إلى مزید من التوضیح فی المکان المناسب بإذن الله .


1. مقاییس اللغة; ومفردات الراغب ; والتحقیق فی کلمات القرآن الکریم، مادة (حد).
2. أورد العلاّمة المجلسی فی بحارالأنوار بحثاً مفصلاً فی هذا الصدد وهو أنّ أهل الإیمان لا یخلدون فی النّار ، فمن أراد الاطلاع علیه فسیجده بحارالأنوار، ج 8، ص 351 ومابعدها (باب 27 وهو باب من یخلد فی النّار ومن یخرج منها) .

 

الخلاصة 23 ـ الجرائم والذنوب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma