3 ـ الأمانة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
4 ـ الرغبة والشفقة الفائقتان2 ـ الالتزام بالعهود والمواثیق

إن منزلة النبوّة والرسالة هی مکانة تتطلب «الصدق» و«الأمانة»، الأمانة فی نقل الوحی وإیصاله إلى الناس والأمانة فی حفظ الأسرار الإلهیّة، والصدق والأمانة یعودان فی حقیقة الأمر إلى أصل واحد، غایة الأمر أنّ الصدق أمانة فی الحدیث والأمانة صدق فی العمل! ولذا یقول القرآن فی ثانی آیة من آیات بحثنا: (کَذَّبَتْ قَوْمُ نُوح الْمُرْسَلِینَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ * إِنِّى لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ)، کما أنّ نفس هذا التعبیر (إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ) قد ورد بحقّ کلّ من «هود» (الشعراء / 125)، و«صالح» (الشعراء / 143) و «لوط» (الشعراء / 162) و «شعیب» (الشعراء / 178) و «موسى» (الدخّان / 18)، وممّا لا شکّ فیه هو أنّ هؤلاء الأنبیاء(علیهم السلام)وغیرهم من الأنبیاء الإلهیین کانوا قد أثبتوا أمانتهم للناس عملیّاً کما قرأنا عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه کان یلقّب بـ «محمّد الصادق الأمین» من قبل خاصّة الناس وعامّتهم وذلک قبل نزول الوحی، ولذا کان(صلى الله علیه وآله) یستدلّ بسابقته هذه أمام المخالفین بأنّهم کیف لا یصدقون بإنذاره فیما یتعلّق بالوحی الإلهی مع علمهم وإقرارهم بصدقه وأمانته؟!(1).

والملفت هو أنّ القرآن قد وصف جبرئیل حـامل الوحی الإلهی بهذا الوصف أیضاً حیث قال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِینُ * عَلَى قَلْبِکَ لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِینَ). (الشعراء / 193 194)

وفی الحقیقة إن حملة الوحی، سواءً الملائکة الذین هم الواسطة فی إبلاغ الوحی، أم الأنبیاء أنفسهم أو الأئمّة ونواب المعصومین الذین أُنیطت بهم مسؤولیة إبلاغ وحفظ الوحی الإلهی، هم أُمناء الله فی خلقه، ومن هنا فاننا نرى أن الامام علیاً(علیه السلام) وباقی الأئمّة الاطهار(علیهم السلام) ینعتون بأمناء الله فی الزیارة المعروفة بزیارة «أمین الله»، حیث ورد هذا الخطاب: «السلام علیک یا أمین الله فی أرضه» وهو شاهد آخر على إثبات هذا الادعاء.


1. جاء فی التواریخ فی ذیل الآیة (وَانْذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ) أنّه (صلى الله علیه وآله) صعد إلى جبل الصفا بعد نزول هذه الآیة ودعا کلا من «بنی عبدالمطلّب» و «بنی عبد مناف» فلمّا اجتمعوا حوله قال لهم (صلى الله علیه وآله)، لو أخبرتکم بأنّ جیشاً عظیماً یتّجه نحوکم بمحاذاة هذا الجبل فهل ستصدقّوننی أم لا؟ فقال الجمیع: بلى! ما عرفنا فیک الکذب أبداً، فقال(صلى الله علیه وآله): «إذن فاعلموا أنّی لکم نذیر من العذاب الإلهی». (الکامل، ج 2، ص 60).
4 ـ الرغبة والشفقة الفائقتان2 ـ الالتزام بالعهود والمواثیق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma