3 ـ الاختلاف بین معجزات الأنبیاء(علیهم السلام)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
4 ـ السحر لا یضاهی المعجزة2 ـ العلاقة بین الإعجاز والنبوّة

من المعلوم أنّ معجزات الأنبیاء الإلهیین کانت متفاوتة ومتنوّعة کثیراً، فهل یاترى أنّ هذا الأمر کان من قبیل الصدفة؟ أم أنّ هناک فلسفة ما وراء ذلک.

إنّ احتمال الصدفة بعید جدّاً، والظاهر هو أنّ الله الحکیم قد وضع معجزات الأنبیاء بشکل بحیث تترک کلّ واحدة منها أکبر الأثر، قیاساً بالظروف الزمانیة والمکانیة لکلّ نبی على حده.

فمثلا حینما نجد أنّ القرآن یُعتبر أکبر معجزة لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، فانّ ذلک بسبب:

أوّلا: أنّ نبـی الإسلام (صلى الله علیه وآله) مبعوث إلى کلّ البشریة وإلى أبد الدهر، ومن هنا فلابدّ والحالة هذه أن یأتـی بمعجزة خالدة لا تفقد دورها بمرور الأیّام.

ثانیاً: أنّه (صلى الله علیه وآله)کان اُمیّاً، فمجیئه بمثل کتاب القرآن یعدّ من أرفع مراتب الإعجاز.

ثالثاً: إنحطاط المستوى الفکری لبیئة الجاهلیة مع رفعة مضامین القرآن، وهذا قرینة واضحة اُخرى.

مضافاً إلى ذلک نجد أنّ أدبیات العرب وعلى اختلاف أفکارهم ومعارفهم کانت فی ذلک الزمان قد بلغت الذروة، إذ کان لهم شعراء فحول وخطباء یضرب بهم المثل، وبالإمکان الوقوف على نماذج منها فی الشعر الجاهلی. فحینما یستسلم مثل هؤلاء أمام فصاحة وبلاغة القرآن، تتجلّى هذه المعجزة بشکل أوضح.

وهکذا بالنسبة لمعجزة سلیمان (علیه السلام) فی مسألة تسخیر الریاح والشیاطین، ومعرفة منطق الطیر کانت متناسبة مع اتّساع رقعة ملکه وحکومته، نظراً لتجاوز حدود مملکته لعالم البشریة.

هـذا الکلام یمکننا استنتـاجه بوضوح من قول الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام)فی معرض جوابه عن سؤال «ابن السکیت» (العالم المعروف بأدبیات العرب).

حینـما سأل «ابن السکیت»: لمـاذا بعث الله موسى بن عمران بیـده البیضاء والعصـا وآلة السحر، وبعث عیسى بالطب، وبـعث محمّداً (صلى الله علیه وآله) بالکـلام والخطب؟

قال الإمام (علیه السلام): «إنّ الله تبارک وتعالى لمّا بعث موسى کان الغالب على أهل عصره السحر، فآتاهم من عند الله بما لم یکن فی وسع القوم مثله، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة علیهم.

وأنّ الله بـعث عیسى فی وقت ظهرت فیه العاهات واحتاج الناس إلى الطب، فآتاهم من عند الله بما لم یکن عندهم مثله، إذ أحیى لهم الموتى وأبرأ الأکمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجّة علیهم، (طبعاً کانت مهنة الطب والطبابة رائجة کثیراً).

وإنّ الله بعث محمّداً (صلى الله علیه وآله) فی وقت کان الغالب على أهل عصره الخطب والکلام، فآتاهم من کتاب الله ومواعظه وأحکامه ما أبطل به قولهم، وأثبت الحجّة علیهم.

فحینما سمع ابن السکیت هذا الکلام قال: «تالله ما رأیت مثل الیوم قطّ» أو (تالله ما رأیت مثلک الیوم قطّ)»(1).


1. بحار الأنوار، ج 11، ص 70 (باب علّة المعجزة، ح 1).

 

4 ـ السحر لا یضاهی المعجزة2 ـ العلاقة بین الإعجاز والنبوّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma