نقد وتحلیل:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
تمهید:إنتقادات

هذه الفرضیة التی قال بها فریق من الفلاسفة المتقدّمین تماثل الاُولى، من حیث افتقارها للسند الکافی والدلیل والشاهد، ومصدرها هو نفس ما أشرنا إلیه، أی إنّهم یریدون قیاس مسألة خارجة عن نطاق أفکارنا بعمقها ومحتواها بالمقاییس المتـداولة، ومن المسـلّم أنّ هذا الأمر محال وغایة لا یبلغها مفکّر أبداً.

وحینما نذعن بمحدودیة المعلومات دون المجهولات، یجب أن نقبل هذه الحقیقة أیضاً وهی أنّ للأنبیاء الواقعیین نوعاً من الإرتباط بعالم ما وراء الطبیعة، لا یمکن شرحه وتفصیله بحواسنا الفعلیة وإدراکاتنا الإعتیادیة.

على أیّة حال فلهذه الفرضیة جذور مشترکة مع نظریة الفلاسفة القدماء من جملتها:

1 ـ الوحی یمثل نوعاً من الإرتباط الخاص بعالم ما وراء الطبیعة، غیر مغایر للروابط الفکریة والعقلیة لسائر الأفراد!

2 ـ مصدر الوحی هو نبوغ الأنبیاء وسموهم الروحی.

3 ـ الوحی لا یمثل وجود مجهول روحانی مستقلّ عن وجودنا یطلق علیه رسول الوحی أو الملک الإلهی، بل منشأه هو الشعور الباطنی والإتّصال بالعقل الفعّال الذی یترک أثره فی عالم الخیال، ثمّ فی إحساس النبی فیرى مظاهر الوحی ویسمعها!

لا شکّ أنّ مثل هذه التحلیلات لا تتلاءم أبداً مع ما جاء به الأنبیاء وما یستفاد من آیات القرآن من جهة، ومع الدلیل العقلی الذی ذکرناه سابقاً من جهة اُخرى.

فضـلا عن افتقـارها کلّها للسند والدلیل، وأساساً ما هو السروراء إعجاب بعض العلماء بعلومهم ومعارفهم المحدودة إلى هذا الحدّ الذی دفعهم لتفسیر وتحلیل کلّ أسرار الکون بهذه الحصیلة من العلوم والإکتشافات، هذا الأمر یشبه قیام النحلة بتفسیر وتحلیل أنواع رموز الکامبیوترات والسفن الفضائیة والأقمار الصناعیة بمعلوماتها المحدودة، فهل نعطیها مثل هذه المکانة یاترى؟

مؤلّف تفسیر المنار وبعد نقله لهذه النظریة عن فریق من الفلاسفة المادیین، وبعبارات شبیهة للتی ذکرناها أعلاه، یضیف قائلا: «لقد سرى هذا الإشتباه إلى الکثیر من المسلمین الغارقین فی الشکّ والتردید، الذین یقلّدون العلماء المادّیین (بأبصار وآذان مقفلة) أو یقتنعون بتفاسیرهم، ثمّ یتعرّض بعد ذلک لنقد مثل هذه الأفکار بالشرح والتفصیل»(1).

وبهذا نکون قد وصلنا لخاتمة البحث المختصر الذی اعددناه حول مسألة الوحی، إذ وکما قلنا سابقاً فلقد شرحنا هذا الموضوع شرحاً وافیاً فی «نفحات القرآن» «المجلّد الأوّل» فی مبحث «مصادر المعرفة» (المصدر الخامس).


1. تفسیر المنار، ج 11، ص 163.
تمهید:إنتقادات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma