8 ـ عنصر الزوجیة بین النباتات فی القرآن

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
9 ـ القرآن والزوجیة العامة7 ـ القرآن وخلق الجبال

وردت الإشارة إلى عنصر الزوجیة فی عالم النباتات فی آیات خمس من القرآن الکریم ، فنقرأ فی قوله تعالى : ( وَاَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَاَنْبَتْنَا فِیهَا مِنْ کُلِّ زَوْج کَرِیم ) .(1)(لقمان / 10)

و قوله تعالى ( وَتَرى الاَرْضَ هَامِدَةً فَاِذا اَنْزَلْنَا عَلَیْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَاَنْبَتَتْ مِنْ کُلِّ زَوْج بَهِیج )(2) . (الحج / 5)

ونقرأ أیضاً فی قوله تعالى : ( وَاَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَاَخْرَجْنَا بِهِ اَزْوَاجَاً مِّنْ نَّبَات شَتَّى ) .(طه / 53)

عندما وصل أغلب المفسرین الاوائل إلى هذه الآیات فسروا « زوج » بمعنى « النوع »« الصنف » ، و« الأزواج » بمعنى « الأنواع » و« الأزواج » المختلفة للنباتات ، لأنّ حقیقة الزوجیة فی حقل النباتات بمعناها المعروف لم یکن معروفاً فی ذلک الزمان.

إنّ الناس فی سالف الزمان وإن کانوا یعلمون نوعاً ما عن أنّ بعض أنواع النباتات یتکون من جنسین ، الذکر والانثى ، وأنّهم کانوا یستخدمون عملیة التلقیح من أجل تکثیرها (خصوصاً شجرة النخل التی یُعلم بوجود الذکر والانثى فیها منذ قدیم الزمان ، وأنّهم کانوا یحرصون على إنمائها عن طریق التلقیح ) ، لکن أحد العلماء المعروفین فی حقل النباتات من السوید یدعى « لینه » کشف عن هذه المسألة لأول مرّة فی أواسط القرن الثامن عشر للمیلاد وهی أنّ عنصر الزوجیة (بین الذکر والانثى ) فی عالم النباتات تعتبر من احدى المسائل العامة ، والمتفق علیه ، وأنّ النباتات کأغلب الحیوانات إنّما تتکاثر وتنمو من خلال الامتزاج بین نطفة الذکر والانثى ، ومن ثم تعطی الثمار .

إلاّ أنّ القرآن الکریم ـ کما رأین ـ قد کشف النقاب عن هذة الحقیقة قبل هذا العالم بإثنی عشر قرن ، وأشار إلى عنصر الزوجیة فی عالم النباتات فی موارد متعددة ، إلاّ أنّه نظراً لعدمامتلاک هؤلاء للجرأة فی التصریح بهذه الحقیقة ، عمدوا إلى تفسیر الزوجیة بمعنى آخر على خلاف ظاهره .

ومن الظریف أنّ النباتات مختلفة من هذه الجهة ، ففی کثیر منها یجتمع الذکر والانثى فیها فی أصل واحد ، وفی البعض الآخر تنفصل أشجار الذکر عن أشجار الانثى .

خذوا وردة من الورود ثم افصلوا أوراقها عنه ، وتأملوا بدقة فی داخلها تجدون عالماً ملیئاً بالعجائب والأسرار . وفی الواقع ینعقد هناک محفل کبیر ، بیدَ أنّه لا صخب فیه ، ویخلو من أی لون من ألوان العنف والاعتداء ، حیث أنّ المیاسم الظریفة واللطیفة التی تحمل معها أکیاس حبوب اللقاح تحیط بما حولها ثم تتحرک مع هبوب الریاح ، لتنثر تلک الحبوب على المدقة . إنّ الحبات المذکرة التی تمثل کل واحدة منها خلیة صغیرة جدّ ، تتجذر بسرعة وبعد العبور من على عنق المدقة تمتزج مع نطفة الانثى فی المبیض فی أصل الورد لتشکل بدورها بذرة الورد أو الفاکهة .

وکأنّ الأوراق الزاهیة للورد بمنزلة احدى معالم الزینة لهذا المحفل الغرامی العجیب أو الاستار الموضوعة على الحجرة المزینة للعروسین ، ثم تُدعى الحشرات والفراشات الجمیلة والنحل إلى هذا المحفل البهیج أیض .ویتناول کل منهم الحلوى المخصوصة والمعدّة له من قبل رحیق الأزهار ویبعثون لنا حصةً منه ، وما نشاهده من العسل فی الأسواق ، هو نصیبنا من ذلک المحفل .وعلى أیّة حال استناداً إلى تصریح القرآن فی آیات مختلفة على شمولیة عنصر الزوجیة للنباتات ، وبالرغم من بعض الاستثناءات القلیلة الواهیة الموجودة فی کل قانون کلی ، یکون قد رفع الستار عن هذا السر المهـم الذی خفـی عن أنـظار العلماء فی ذلک العصر والقرون التی تلته وهذه بحد ذاتها من المعاجز العلمیة البدیعة .


1. وورد نفس المضمون فی کل من الآیة ( 7 ) من سورة الشعراء والآیة ( 7 ) من سورة (ق) .
2. ورد نفس هذا المضمون فی الآیة 7 من سورة الشعراء و الآیة 7 من سورة ق.

 

9 ـ القرآن والزوجیة العامة7 ـ القرآن وخلق الجبال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma