11 ـ القرآن یتحدث عن الآثار المهمّة للغلاف الجوی للأرض

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
12 ـ القرآن والغلاف الجوی للأرض أیض 10 ـ القرآن یکشف النقاب عن مسألة مراحل تطور الجنین

نقرأ فی قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آیَاتِهَا مُعرِضُونَ) .

(الأنبیاء / 32)لقد أبدى المفسرون القدماء وجهات نظر مختلفة فی صدد بیان حقیقة السقف السماوی المحفوظ ، فتارة یذهبون إلى : أنّه محفوظ من نفوذ الشیاطین ، وتارة یقولون : إنّه محفوظ من السقوط على الأرض ، وتارة ثالثة : إنّه محفوظ من الانهدام بالرغم من تقادم الزمن(1) .إنّ السر وراء هذه التفاسیر المبهمة هو عدم اطلاع البشر على السماء اطلاعاً دقیقاً فی ذلک العصر .وعندما وُجد علم الهیئة الجدید أثبت أنّ الکواکب بأجمعها تسبح فی الفضاء اللامتناهی ، وأنّه لا یوجد سقف أساس ، أصبح مفهوم هذه الآیة أکثر تعقیداً بالنسبة لبعض المفسرین ، حتى لجـأوا إلى القول : إنّ معناها هو أنّ السماء کالسقف المحفوظ الذی یحول دون حدوث أی اختلال فی نظام الوجود .وعلى هذا الأساس صار المتبادر إلى الذهن من معنى السقف هو المعنى المجازی والذی جاء بصورة التشبیه والکنایة .إلاّ أنّ العلم البشری لم یزل یواصل تقدمه نحو الأمام ، وأصبح مفهوم هذه الآیة أکثر وضوحاً نظراً إلى ما حصل علیه العلماء من معلومات جدیدة عن طبقات الغلاف الجوی ، فثبت أنّه یوجد سقف محفوظ بمعناه الحقیقی .توضیح ذلک : أنّه توجد طبقة عظیمة للهواء تحیط بالأرض من کل أطرافها تسمى «الغلاف الجوی» یصل سمکها مئات الکیلو مترات ونظراً لضخامة هذه الطبقة الشفافة ظاهراً والمتکونة من الهواء وبعض الغازات الاُخرى ، نجدها على جانب کبیر من القوة والمقاومة یقدرها بعض العلماء بمقاومة سقف فولاذی سمکه عشرة أمتار ، تُصان به الکرة الأرضیة من ألوان المخاطر .فمن جهة یقف سداً منیعاً أمام سقوط الصخور المستمرة ـ لیلاً ونهاراًـ والمعروفة ب (الشهب) المنجذبة نحو الأرض بسرعة هائلة وتشکل خطراً کبیراً فیما لو اصطدمت بإحدى الأماکن .وتتضح أهمیّة هذه المسألة أکثر من خلال النظر إلى ما قاله العلماء : إنّ ملایین من هذه الشهب تتجه نحو الأرض فی کل یوم ولیلة ، وعندما تصطدم هذه الأحجار السریعة بمقاومة الغلاف الجوی تتولد حرارة فتحترق وتشتعل متحولة إلى رماد ، ینزل إلى الأرض رویداً رویداً،و فی بعض الأحیان تکون هذه الأحجار کبیرة جدّاً فتجتاز الغلاف الجوی (بعد أن یحترق جزء منها) فتصیب نقطة من الکرة الأرضیة ، وتحدث أضراراً مخیفة ، وقد سُجلت نماذج لها فی التاریخ ، ولعله انذار موجه إلى الغافلین بأنّ الله تعالى لو لم یخلق هذا السقف المحفوظ ، لتعرضتم بأجمعکم إلى هذا القصف الخطیر ، ولما کان للهدوء والاستقرار معنىً فی حیاتکم .ومن جهة اُخرى نعلم أنّ الشمس تنبعث منها أشعة تدعى بالأشعة فوق البنفسجیة (تلک الأشعة هی نفسها التی تقع فوق اللون البنفسجی عندما یتحلل ضوء الشمس ولا تشاهد بالعین المجرّدة) والمقدار القلیل منها مفید ونافع جدّ ، فضلاً عن أنّه لا یلحق الضرر بأحد ، وبالأخص إنَّ له دوراً کبیراً فی قتل المیکروبات ، إلاّ إذا ازداد وکثر فانّه یحرق البدن بدون أن یشعر الإنسان بالحرارة ، (إنّ السبب وراء الحروق التی تصیب جلد الرأس والوجه والبدن فی المناطق القریبة من خط الاستواء فی فصل الصیف هو أنّ الشمس تسطع بصورة عمودیة وتجتاز طبقة قلیلة من الهواء ، فلا تحظى بقدر کاف من التصفیة) ولو لم یوجد هذا (السقف المحفوظ) وهو «الغلاف الجوی» لم یستطع أی إنسان أن یقاوم الشمس ولو لحظة واحدة .من جهة ثالثة أنّ الاشعاعات الممیتة المسماة ب (الأشعة الکونیة) تتجه بسرعة نحو الأرض ممّا وراء المنظومة الشمسیة فیقف جزءٌ من الغلاف الجوی ویسمى ب «طبقة الاوزون»(2) مانعاً من نفوذ هذه الأشعة القاتلة ویقاومها کالسقف المحفوظ .أخیراً برزت مخاوف کثیرة للعلماء على أثر الثقب الذی حدث فی طبقة الاوزون بسبب تصاعد الغازات الضارة من بعض أجزاء السیارات فی الهواء وإلحاقها الضرر بتلک الطبقة، هذه المخاوف ظهرت بصورة جدیة بحیث أخذ رجال الدول والعلماء یفکرون فی وضع مقررات دولیة تمنع حدوث هذه الاضرار .هذا ما توصلنا إلیه حالیاً من التعرف على الآثار العجیبة لهذا (السقف المحفوظ) ، أی الطبقات العظیمة للهواء ومن الممکن الکشف عن حقائق أهم وأکثر فی هذا المضمار مستقبل .وقد یخطر فی الذهن هذا السؤال وهو: هل یمکن اطلاق اسم «الغلاف الجوی» على السماء فتصدق علیه ؟ وهل تعنی السماء الکواکب والأجرام السماویة والمنظومات والمجرّات ؟فی الجواب عن هذا السؤال نقول : إنّ القرآن الکریم هو الذی اطلق مراراً هذه الکلمة على الغلاف الجوی ومن جملة ذلک ما نقرأه فی قوله تعالى : (وَأنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجَ بِهَ مِنَ الثـَّمراتِ رِزقَاً لَکُم)(3). (البقرة / 22)ویتجلى بوضوح نموذج آخر لهذا المعنى فی قوله عز من قائل : (اَلَمْ یَروَا اِلَى الطَّیرِ مُسَخَّرَات فِى جَوِّ السَّمَاءِ) . (النحل / 79)


1. تفسیر مجمع البیان، ج 7 ص 46; والتفسیر الکبیر، ج 22، ص 165 وتفاسیر اُخرى .
2. الاوزون، غاز أزرق اللون ذو رائحة نفاذة ویعد أخطر من غاز الاوکسجین . ویتکون عند التفریغ الکهربائی للاوکسجین ، ویستعمل لاغراض الصباغة وتصفیة الماء والهواء .
3. وورد نظیر هذا المعنى فی البقرة، 164; الأنعام، 99; الأعراف، 96; یونس، 24; هود، 44; الرعد، 17 وآیات أخرى متعددة .
12 ـ القرآن والغلاف الجوی للأرض أیض 10 ـ القرآن یکشف النقاب عن مسألة مراحل تطور الجنین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma