دور التاریخ فی المسائل التربویة:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
الخطوط العریضة للتاریخ فی القرآن:16 ـ القرآن یکشف الستار عن عظمة خلق السماوات

ممّا لا یقبل الشک أنّ القرآن لیس کتاباً تاریخی ، لکنه ولأسباب مختلفة فانه یضم بحوثاً تاریخیة متنوعة، وذلک لأن المسائل التربویة وبالأخص الاجتماعیة لا یمکنها أن تنفصل عن المباحث المرتبطة ب (تاریخ القدماء) لأنّ التاریخ من أکبر معلمی الحیاة وهو معیار جید لتحدید وتبیین مزایا وخصائص المبادیء الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة وفصل الحقائق عن الأوهام والمثالیات عمّا یناقضه .إنَّ عظمة التاریخ تکمن فی اظهاره المسائل الفکریة والعقلائیة فی قالب محسوس تؤدی خدمة کبیرة لفهم المسائل الإنسانیة بصورة صحیحة، فمن جملة المسائل التی تُستنبط من التاریخ هی: إلى أین تؤول عاقبة الظلم والجور والاستبداد ، وماهی نتیجة الاختلاف والتشرذم ، وما هی خاتمة التعصب والعناد والانانیة ، وعدم الاعتناء بالحقائق الواقعیة ؟ولهذا السبب یمکن القول : إنّ التاریخ هو معین الحیاة الذی یمد الإنسان بالعمر والبقاء ، فمن خلال مطالعة تاریخ القدماء نحصل على صفحات مرکزة هی عصارة آلاف السنین من التجارب الإنسانیة توضع بین یدی جیل الحاضر والمستقبل .وأشار القرآن الکریم إلى هذه الحقیقة المهمّة بجملة مختصرة إذ یقول :(لَقَدْ کَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُِّوْلی الأَلبَابِ مَا کانَ حَدِیثاً یُفْتَرَى وَلَکِنْ تَصْدِیقَ الَّذِى بَیْنَ یَدَیهِ وَتَفْصِیلَ کُلِّ شَىء وَهُدىً وَرَحمَةً لِّقَوم یُؤمِنُونَ). (یوسف / 111)

والجدیر بالذکر هنا أنّ القرآن بیّن هذا المفهوم بعد قصة النبی یوسف (علیه السلام) الملیئة بالحوادث والعبر التی یستفاد منها فی الأبعاد المختلفة للمسائل التربویة.وفی موضع آخر یعتبر القرآن قصص وتاریخ القدماء وسیلة لإیقاظ الأفکار والعقول فیقول : (فَاَقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم یَتَفکَّرُونَ). (الأعراف / 176)وفی آیات اُخرى یُعد تاریخ الأنبیاء الاوائل وسیلة ناجحة لـ(تثبیت قلب) نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)وتقویة إرادته ولتوعیة المؤمنین وایقاظهم ، فیقول عز من قائل : (وَکُلاًّ نَّقُصُّ عَلَیکَ مِنْ اَنْبَاءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَکَ وَجاءَکَ فِى هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِکْرى لِلمُؤمِنِینَ). (هود / 120)ویقول الله سبحانه وتعالى فی صدد التعریف بقصّة نوح(علیه السلام): (وَلَقَدْ تَّرْکنَاهَا آیَةً فَهَلْ مِنْ مُّدَّکِر). (القمر/ 15)

ویذکر الآثار المتبقیة للقدماء بتعبیر حی جمیل ، فیقول : (اَفَلَمْ یَسِیرُوا فِى الاَرضِ فَتَکُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ یَعْقِلُونَ بِهَا اَو آذَانٌ یَسْمَعُونَ بِهَا فاِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاَبْصَارُ وَلَکِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ). (الحج / 46)وعلى هذ ، فالأحداث التاریخیة المفصلة والآثار التاریخیة الغابرة للقدماء تساهم فی إنارة البصائر وتفتح آفاق جدیدة رحبة .ومن خلال هذه الإشارة إلى فلسفة تاریخ القدماء نعود إلى القرآن مرة ثانیة لنلقی نظرة على الاعجاز التاریخی للقرآن .

 

الخطوط العریضة للتاریخ فی القرآن:16 ـ القرآن یکشف الستار عن عظمة خلق السماوات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma