6 ـ هل أنّ سلیمان(علیه السلام) بنى معبداً للأصنام؟!

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
7 ـ المنافسة العجیبة بین یعقوب وأخیه عیسو5 ـ قصة النبی داود(علیه السلام) وزوجة اوری

ورد التعریف بشخصیة سلیمان(علیه السلام) فی القرآن الکریم على کونه نبیاً کبیراً وقائداً مقتدراً امتلک سلطة عریضة وفریدة من نوعه ، واُشید بعظمته وصلاحه فی سور قرآنیة مختلفة، من جملتها سورة البقرة ، النساء ، الأنبیاء ، النمل ، سبأ وص ، فعلى سبیل المثال نقرأ قوله تعالى: (وَوَهَبنَا لِدَاودَ سُلَیَمانَ نِعْمَ العَبدُ إِنَّهُ اَوَّابٌ) . (ص / 30)

القرآن فی حکایته المفصلة نوعاً ما التی أوردها فی السور المتقدمة الذکر عن هذا النبی الکبیر لیس فقط لا ینسب له نسبة عبادة الصنم وصناعته مطلقاً وإنّما یعدّ کافة جوانب حیاته نزیهة من أی لون من ألوان التلوث بالشرک والمعصیة .

یکفی فی هذا المجال مراجعة سورة الأنبیاء (الآیات 28 إلى 82) وسورة النمل (الآیات 15 إلى 44) وسورة ص (الآیات 30 إلى 40) وعلى الخصوص قصة هدایة (ملکة سبأ) وانقاذها من براثن الشرک ودعوتها إلى التوحید الخالص ، وخاصة عندما یقول : (وَصَدَّهَا مَا کَانَتْ تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّها کَانَتْ مِنْ قَوْم کافِرینَ). (النمل/ 43) وأساساً، یستفاد من الآیات الموجودة فی نفس السورة أنّ الهدف الرئیسی لسلیمان فی واقعة ملکة سبأ یکمن فی محاربة الشرک والوثنیة وانقاذها وقومهامن وطأة هذا الانحراف ، والآن نعود إلى التوراة الفعلی المحرف لننظر إلى ما یقوله فی شأن سلیمان وما یختلقه من صورة بشعة عن هذا النبی العظیم، صورة لرجل مفتون بالأهواء بحیث ساقه هوسه وهواه إلى حد الشرک والوثنیة وحتى بناء معبد للأصنام.

جاء فی الکتاب الأول للملوک والسلاطین مایلی : «وأحبّ الملک سلیمان نساء أجنبیات کثیرة من الاُمم التی قال الربّ لبنی اسرائیل فی شأنه : لا تذهبوا إلیهن ولا یذهبن إلیکم فإنّهنّ یستمیلنّ قلوبکم إلى اتباع آلهتهن ، فتعلق بهن سلیمان حبّاً لهنّ ، وکان له سبع مائة زوجة وثلاث مائة جاریة فازاغت نساؤه قلبه ، وفی زمن شیخوخة سلیمان تمکن أزواجه من امالة قلبه إلى اتباع آلهة اُخرى ، فلم یکن قلبه مخلصاً للربّ إلهَهُ ، کما کان قبل داود أبیه فتبع سلیمان عشتروت آلهة الصیدونیین ، وملکوم بنی عمون ووضع الشر فی عینی الرب ولم یتبع الرب اتباعاً تاماً مثل أبیه داود .

حینئذ بنى سلیمان مشرفاً لکاموش صنم قبیلة موآب فی الجبل المقابل لاورشلیم ولمولک صنم بنی عمون ، وکذلک صنع لجمیع نسائه الغریبات اللواتی کن یحرقن البخور ویذبحن لآلهتهن ، فغضب الرب على سلیمان ، لأنّ قلبه مال عن الرب إله اسرائیل الذی تراءى له مرّتین وأمره فی ذلک أن لا یتبع آلهة اُخرى ، فلم یحفظ ما أمره الرب به ، فقال الرب لسلیمان : بما أنّ أمرک هذ ، وأنت لم تحفظ عهدی وفرائضی التی أمرتک به ، فسأنتزع الملک عنک واسلمه إلى عبدک ، إلاّ أنّی لا أفعل ذلک فی أیّامک نظراً لداود أبیک ، بل انتزعه من ید ابنک»(1) .

یستخلص من مضمون هذه القصة الکاذبة للتوراة مایلی :

أ) کان لسلیمان(علیه السلام) علاقات کثیرة بنساء الطوائف المشرکة ، وقد استولى على قسم کبیر منهن خلافا لأمر الله ثم أخذ یمیل إلى معتقداههن شیئاً فشیئ ، وبالرغم من کونه شخصاً میالاً للنساء فقد حاز على 700 امرأة بالعقد الدائم و300 امرأة بالعقد المنقطع! إلاّ أن تعلقه الشدید بالنساء ادى به إلى ابتعاده عن طریق الله تعالى!.

ب) أصدر سلیمان قرارا معلنا ببناء معبد للأصنام ، وبنى على الجبل المطل على «اورشیلم» تلک البقعة المقدّسة لاسرائیل ، معبدا لصنم کموش ـ الصنم المعروف لطائفة الموابیان ـ وصنم مولک ـ الصنم المختص بطائفة بنی عمون ـ وبرزت فی نفسه علاقة خاصة بصنم «عشتروت» الصنم المنسوب إلى الصیدونیان ، وقد تحقق ذلک کله فی عهد شیخوخته!

ج) ووجه الله تعالى له عقابا على هذا الانحراف والذنب العظیم ، وتبلور هذا العقاب فی أن یسلب منه مملکته وسلطانه ولکن لا یسلبه من یده شخصاً وإنّما یسلبه من ید ابنه «رحبعام»! وسیمنحه فرصة البقاء فی الحکم متى شاء ، وهذا الأجل لکونه من عباد الله المقربین ; لقد کان والد سلیمان هو داود ، ذلک العبد المقرب عند الله والذی أقدم على قتل النفس وارتکاب الزنى بالمحصنة ، وهی زوجة أحد قادة جیشه!!

هل یمکن لأحد الأشخاص العقلاء أن ینسب هذه التهم الفظیعة إلى ساحة إنسان مقدس کالنبی سلیمان ؟!

إذا اعتقدنا بنبوة سلیمان (علیه السلام) ـ کما صرح به القرآن ـ فالأمر واضح وإذا وضعناه فی قائمة ملوک بنی اسرائیل ، فکذلک لا یمکن أن تصدق فی حقه مثل هذه التُهم أیض .

ولو أننا أنکرنا نبوته فمن المسلم أنّه کان تالیاً للنبی من بعده ، لأنّ من الکتب التی اشتملت على أقوال هذا الرجل الإلهی الکبیر کتابین من کتب العهد القدیم أحدهما یقع تحت عنوان «مواعظ سلیمان» أو «حکم سلیمان» والآخر تحت عنوان «نشید سلیمان» بالإضافة إلى أنّ التوراة فی الفصل الثالث من الکتاب الأول لتاریخ الملوک «الجمل من 5 إلى الأخیر» یقول بصراحة : «لقد تجلى الله تعالى لسلیمان فی المنام لیل ، وخاطبه بالقول ، أطلب منی ما تشاء ونظراً لصغر سنه وقلة تجربته طلب سلیمان من الله الحکمة ، واستجاب الله دعاءه وأعطاه الفهم والحکمة وقال : إنّ هذا الفهم والحکمة التی أعطیته إلیک لم أعطه لأحد من قبلک ولا من بعدک» .

هل یعقل أن یتلقى أحد الأشخاص هذا النوع الفرید من العلم والحکمة من الله تعالى فی أیّام شبابه ثم یقدم على بناء معبد للأصنام ارضاءً لرغبات زوجاته فی عهد کِبَرِهِ ونضج عقله واکتمال إدراکه؟!

ممّا لا یقبل الشک أنّ هذه الأساطیر الکاذبة کانت من صنع الأدمغة العاجزة فی السابق ، ومن المؤسف حقاً أنّ عدّة من الأفراد الجهلاء وضعوها فی سلسلة الکتب السماویة بعد ذلک ، وقد أطلقوا على هذا الکلام «اللا مقدّس» اسم «الکتاب المقدّس» لکن، هل ترى واحدة من هذه النسب السیئة فی الوقائع والحوادث التی ینقلها القرآن؟ فاذا دققت وبحثت فسوف یکون الجواب بالنفی.


1. سفر الملوک الأول، الفصل 11 : 33 : 34 .
7 ـ المنافسة العجیبة بین یعقوب وأخیه عیسو5 ـ قصة النبی داود(علیه السلام) وزوجة اوری
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma