9 ـ المسیح (علیه السلام) ودعوى الاُلوهیة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
10 ـ حضور المرأة العاصیة فی مجلس السید المسیح(علیه السلام)8 ـ نسبة صنع الخمر إلى عیسى المسیح(علیه السلام)

القرآن یبریء ساحة السید المسیح(علیه السلام) من أی لون من ألوان الادّعاء المزیف على صعید الاُلوهیة ، ویقول بصراحة : (وَإِذ قَالَ اللَّهُ یَاعِیسَى ابن مَریَمَ ءَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونى وَأُمِّىَ إِلَهَیَنِ مِن دوُنِ اللَّهِ قَالَ سُبحَانَکَ مَایَکُونُ لِى اَن اَقُولَ مَالَیسَ لِى بِحَقٍّ اِنْ کُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَافِى نَفِسى وَلاَ أَعلَمُ مَافِى نَفسِکَ اِنَّکَ اَنتَ عَلاَّمُ الغُیوُبِ * مَاقُلتُ لَهُم إِلاَّ مَاأَمَرتَنِى بِهِ اَنِ اعبُدُوا اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّکُم وَکُنتُ عَلَیِهم شَهِیداً مَّادُمتُ فِیهِم فَلَمَّا تَوَفَّیتَنِى کُنتَ اَنتَ الرَّقِیبَ عَلَیهِم وَاَنتَ عَلَى کُلِّ شَىء شَهیدٌ ). (المائدة / 116 117)

والآن لننظر إلى ماتقوله الأناجیل فی صدد المسیح(علیه السلام) .

نقرأ فی انجیل یوحنا هذا المعنى :

«وجاء عید التجدید فی اورشلیم ، وذلک فی الشتاء وکان یسوع یتمشى فی الهیکل فی رواق سلیمان فتجمع الیهود حوله وقالوا له : «إلى متى تبقینا حائرین؟ قل لنا بصراحة : هل أنت مسیح؟

فأجابهم یسوع : «قلت لکم ، ولکنکم لاتصدقون ، الأعمال التی أعملها بأسم أبی تشهد لی ، وکیف تصدقون وما أنتم من خرافی ، خرافی تسمع صوتی وأنا أعرفها وهی تتبعنی اعطیها الحیاة الأبدیة فلا تهلک أبداً ولایخطفها أحد منی الأب الذی وهبها لی هو أعظم من کل موجود ، وما من أحد یقدر أن یخطف من ید الأب شیئ ، أنا والأب واحد» .

وجاء الیهود بحجارة لیرجموه فقال لهم یسوع : «أریتکم کثیرا من الأعمال الصالحة من عند الأب ، فلای عمل منها ترجمونی .

أجابه الیهود : لا نرجمک لای عمل صالح عملت بل لتجدیفک فما أنت إلاّ إنسان ، لکنک جعلت نفسک إله .

فقال لهم یسوع : «أما جاء فی شریعتکم أنّ الله قال : أنتم آلهة؟ ماذا کان الذین تکلموا بوحی من الله یدعوهم الله آلهة ، على حد قول الشریعة التی لا ینقضها أحد ، فکیف تقولون لی ، أنا الذی قدّسه الأب وأرسله إلى العالم : أنت تجدف لأنّی قلت : أنا ابن الله؟ إذا کنت لأعمل أعمال أبی فلا تصدقونی وإذا کنت اعملها فصدقوا هذه الأعمال إن کنتم لا تصدقونی حتى تعرفوا وتؤمنوا أنّ الأب فیّ وأنا فی الأب»(1).

یتضح من خلال هذه العبارات عدّة نکات :

1 ـ اتّهم الیهود عیسى من ذی قبل أنّه ادعى الاُلوهیة وأصدروا حکماً بتکفیره ورمیه بالحصى .

2 ـ یقول المسیح تارة فی صدد الدفاع عن نفسه : أنا الذی قلت إنّی ابن الله ، وأنّ أبی الله ، وتارة اُخرى یقول : أنا أقوم بأعمال إلهیّة ، ولو لم أنجز ذلک فلا تصدقوا کلامی ، ولو انجزت ذلک فصدقوا أنی حالٌّ فی الله والله حالٌّ فی نفسی .

إنّ التعبیر بالأب والابن والقیام بأعمال إلهیّة ، والقول بحلول الإنسان فی الله والله فی الإنسان ، کلها تعبیرات إلحادیة ، لا تلتئم مع کافة الموازین المنطقیة ، ولا دلیل على أن یدلی أحد الأنبیاء بمثل هذه العبارات فی حق نفسه وحق الله تعالى ، ولو بصورة مجازیة ، لأنّ ذلک یؤدی إلى وقوع البسطاء فی دوامة الاشتباه والالتباس ، ویساهم فی أن یجد الأعداء الذریعة المناسبة لأنّ یرموه بالحصى متى ماشاءو .

هذا فی الوقت الذی یقول القرآن فی الآیات التی تلوناها سابقاً بصراحة تامة إنّه لم یصدر من المسیح(علیه السلام) أی ادّعاء سوى العبودیة لله ودعوى النبوة والرسالة وکان فی غایة الخضوع والتذلل فی مجال العبودیة والتسلیم لأمر الله تعالى .

وفی آیات اُخرى یقول أیض : إنّ کل ما أنجزه من معاجز کان جمیعه بإذن الله ، نقرأ فی قوله تعالى : ( وَاِذْ تَخلُقُ مِنَ الطِّینِ کَهَیئَةِ الطَّیرِ بِاِذْنِى فَتَنْفُخُ فِیهَا فَتَکُونُ طَیراً بِاِذنِى وَتُبرِىُء الاَکمَهَ وَالأَبرَصَ بِاِذنِى وَاِذْ تُخْرِجُ المَوْتَى بِاِذْنِى ) . (المائدة / 110)

إنّ المقارنة بین هذا النوع من المسائل التاریخیة فی القرآن وبین ماورد منها فی الانجیل من شأنه أن یضع الحدود الفاصلة بینهما ویبین أیّهما هو الصادر من قبل الله حق ، وأیّهما هو المحرف والمختلق من الذهن البشری .


1. انجیل یوحنا، باب، الیهود یرفضون المسیح ، ص 289 .
10 ـ حضور المرأة العاصیة فی مجلس السید المسیح(علیه السلام)8 ـ نسبة صنع الخمر إلى عیسى المسیح(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma