ماهی أفضل القوانین ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
مزایا القوانین القرآنیة:5 ـ الاعجاز القرآنی فی سن القوانین

من الصعوبة الجواب عن هذا السؤال، ولکن إذا وقفنا على الحکمة الواقعیة من وراء وضع القوانین فی المجتمعات الإنسانیة فإنّ معالم الطریق ستصبح واضحة .

إنّ المسألة تکمن فی کون الإنسان یمیل فطریاً إلى الحیاة الاجتماعیة، ویعود الفضل فی رُقیه وتطوره إلى حیاته الاجتماعیة، فمن خلال هذه الحیاة تتلاقح أفکار العلماء والمفکرین وتتآزر الاکتشافات والاختراعات والإبتکارات العلمیة الموجودة فی المجتمع وتنتقل من جیل إلى جیل آخر، ففی کل یوم نشهد تطوراً وتقدماً ورقیاً على صعید العلوم والتفکر والخصارة الإنسانیة.

وأیّاً کان الدافع من وراء الاهتمام بهذا التعایش المشترک فإنّ له موضوعاً مستقلاً للبحث ، ولکن ممّا لا شک فیه إذا کانت حیاة الناس مبعثرة ومشتتة شأنها شأن حیاة الحیوانات الاُخرى لم یکن هناک أی فرق بین إنسان الیوم وإنسان العصر الحجری ، ولا یوجد معنى للعلم والحضارة والاختراع والاکتشاف ولا الصناعات والفنون ولا اللغة والآداب ولا لأی شیء آخر ، إلاّ أنّ لهذه الحیاة الاجتماعیة طواریء ومشاکل إذا لم تتمّ الوقایة منها بشکل صحیح فإنّها تؤدّی إلى حدوث نکبات وویلات تُودی بحیاة الأجیال فضلا عمّا یترتب على ذلک من توقف لعجلة التکامل والرقی .

إنّ هذه الافرازات عبارة عن : الصراعات التی تنشأ من تعارض المصالح وتزاحم الحقوق وطلب الاستعلاء ، وحب الاستئثار ، والأنانیات والمنافع الشخصیة والتی تؤدّی بدورها إلى حدوث الخلافات والنزاعات والمناوشات الفردیة أو الجماعیة ونشوب الحروب الأقلیمیة ، أو الدولیة ، ولهذا أدرکت المجامیع الإنسانیة منذ تلک اللحظة هذه الحقیقة وهی أنّه لو لم توضع المقررات اللازمة لتعیین حدود صلاحیات الأفراد وحقوقهم واُسلوب حل المنازعات والد عاوى والمشاجرات ، لانقلبت الموازین الاجتماعیة رأساً على عقب وأدّت إلى حدوث کارثة کبرى .

وأساساً إنّما یأخذ المجتمع الواقعی طریقه إلى الوجود والظهور بعد أن تسوده حالة التعاون والتعاضد والتعاطف بین أفراده ، ومثل هذا الأمر لا یتحقق إلاّ فی ظل وضع القوانین والمقررات ، وفی الواقع لیس هناک مفهوم للتعاون من دون تعهد أخلاقی ، وهذا التعهد بحد ذاته منشأ حدوث القانون .

علاوة على ذلک فإنّه من الخطأ أن نعتبر وظیفة القانون منحصرة فی نطاق الحد من حدوث الاعتداءات وإنهاء النزاعات ـ وإن کان هذا هو الهدف من وضع الکثیر من القوانین ـ بل یقع على عاتق القانون قبل هذا مسؤولیة توثیق العلاقات الاجتماعیة وإیجاد الضمانات والتعامل معها بصدق وأمانة وتأمین الحریة اللازمة من أجل تمکین وتربیة القابلیات وتنمیتها، وتمرکز القوى وتعبئة الإمکانیات باتّجاه معین من أجل توسیع رقعة التکامل .

والواقع إنّ القانون هو بمثابة الدم الجاری فی عروق المجتمع البشری ، لهذا لابدّ من القول بصراحة : إنّه إذا انعدم القانون لم یکن لوجود المجتمع معنى ، ولم یتحقق التقدم والازدهار .

إذن لم یعد الجواب عن السؤال المتقدم صعباً، فالقانون الأفضل هو الذی یمتلک صلاحیة أکثر فی تأمین الاُمور التالیة :

1 ـ أن یجمع بین کافة القوى المؤلفة للمجتمع الإنسانی تحت رایة واحدة قویة، ویحل مشکلة الاختلافات الموجودة فیه کاختلاف الألوان والقومیات واللغات .

2 ـ أن یهیء الأرضیة المناسبة لنمو الاستعدادات الکامنه وتطویر القدرات الخلاقة لدى المجتمع.

3 ـ أن یؤمّن الحریة الواقعیة حتى یتمکن جمیع الأفراد من العمل على تنمیة استعداداتهم فی ظله .

4 ـ یحدد الحق المشروع لکل شخص من الأشخاص وکل فئة من الفئات کی یقف حاجزاً دون حصول النزاعات والاختلافات والاعتداءات .

5 ـ أن یعمق فی النفوس روح الاعتماد والاطمئنان من خلال تعیین نظام إجرائی صحیح مضمون .

6 ـ القانون الصالح لیس کما یتصوره البعض بأنّه القانون الذی یحمل معه مجموعة من القوانین العریضة والموسعة والتی تشتمل على الأجهزة القضائیة الواسعة والشرطة والسجون الکثیرة ، بل إنّ هذا یدل على ضعف ذلک القانون وذلک المجتمع وعجزهم ، فالقانون الصحیح هو الذی یتخذ إجراءات وقائیة مناسبة من خلال وضع التعلیمات الثقافیة والمقررات الصحیحة حتى لا تدعو الحاجة إلى التوسل بمثل هذه الاُمور .

إنّ الأجهزة القضائیة والعقوبات والسجون بمثابة الطب العلاجی، أو بعبارة أصح، بمثابة إجراء عملیة جراحیة للمریض ; بینما القوانین السلیمة والمقررات الدقیقة بمثابة الطب الوقائی الذی یعتبر أقل مؤونة وأسلم طریقة لخلوه من الطواریء والأخطار .

بعد هذه المقدّمة نعود إلى القرآن مرّة اُخرى لندقق فی قوانینه ونبحثه .

مزایا القوانین القرآنیة:5 ـ الاعجاز القرآنی فی سن القوانین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma